أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17

الاثنين، فبراير 27، 2012

جماعة الأستاذ أحمد إمبيص



معاندي يحساب أنه يعرف، ويعرف أنه لا يعرف، ولكن كل ما تقولّه مش هكي عيب عليك يا حاج راهو هذا ضد القانون يقولك:
إيّح…بادي في بناء دكان في موقف السيارات، وبيزيد دور فوق الحوش، إيّح… تي وينه القانون. حرية، حرية، الله أكبر

زوايا معمارية



غدامس

تصوير إبراهيم مالك

غدامس... هبة الله في الصحراء... روح ولون الوطن على أطرافه الغربية... قصيدة شعر بين الارض والقمر والنجوم... حواراً تخطيطياً ومعمارياً رائعاً مع الشمس الحارقة... معجزة لن تتكرر للتعانق الشعري والنثري والمسرحي بين الضوء و الظل.

قارنوا بين حوار الامس واليوم، بين العمارة والمكان في مدينة غدامس... اليوم لا نتحدث لغة غدامس أبداً... ولا نخطط ونصمم ونبني عمارة وعمران لنستخدمه... عمارة وعمران اليوم يستخدمنا ولا نستخدمه نحن.


د. موسى قريفة

مؤتمرات وندوات



ليبيا، إعمار وتحديات



برعاية وزارة الإسكان والمرافق والمجلس المحلي لمدينة بنغازي ينظم تجمع " مهندسون لأجل ليبيا" المؤتمر الدولي (ليبيا إعمار وتحديات) في الفترة من 12 إلي 14 مارس 2012م بقاعات مبني الدعوة الإسلامية بمدينة بنغازي.


يقام على هامش المؤتمر معرض لأحدث تقنيات المواد والمعدات المستخدمة في عمليات الإعمار والبناء.


ويسلط المؤتمر الضوء- من خلال التقارير والورقات المقدمة من المشاركين - علي الحلول المثلى للمشاكل والصعوبات التي تواجه قطاع الإسكان والمرافق والبيئة والتمويل والاستثمار العقاري والصناعي، وكيفية الدفع بالقطاعين العام والخاص نحو تنمية وإعمار ليبيا الجديدة(محاور المؤتمر وتفاصيل أخرى مبينة بالمطوية المرفقة).

الأحد، فبراير 26، 2012

أخبار




يعلن قسم الفنون التشكيلية بأكاديمية الدراسات العليا عن إقامة :
1 ــ محاضرة عن فنون ما قبل التاريخ في ليـــبيا وعلاقتها بالفنون المعاصرة، يلقيها الفنانان السويسريان:
·        الفنان الرسام يـــورج مـــوليه.
·        الفنان و الكاتب اوريل شميدت

وذلك يوم الأربعاء الموافق 2012.2.29 م على تمام الساعة العاشرة و النصف صباحاً بأكاديمية
الدراسات العليا- جنزور.

كما ندعوكم لحضور
2 ــ محاضرة أخرى للفنانين السويسريين في قاعة دار الفنون بطرابلس ( طريق السكة ) بعنوان: تجارب إبداعية في الفنـــــون التشــــكيلية

يتحدثان فيها عن تجاربهم الشخصية في مجال الفنون التشكيلية وذلك يوم الخميس الموافق 2012.3.1 م على تمام الساعة الخامسة مساءًً.

و الدعوة عامة للجميع.

قسم الفنون التشكيلية بالأكاديمية

الجمعة، فبراير 24، 2012

الفن التشكيلي الشعبي بين الحداثة و الاصالة




د. عياد هاشم*


      تأتي الفنون الشعبية التشكيلية على قمة الماثورات الشعبية ممارسة وأصالة و تتمتع بطابع فني خاص يعكس حياة الناس و تتصف بالعراقة فهي ترديد لعادات و تقاليد متوارثة تعبر بوضوح و صدق عن ثقافة معينة تحدد معالم الشخصية الحضارية لكل مجتمع.

بدأ الاهتمام بالفنون الشعبية أوالمأثورات الشعبية كما يسميها الكثيرون في أواخر القرن التاسع عشر كمصطلح انجليزي استخدمه لاول مرة عالم الاثريات الانجليزي ( سيرجون وليام تومز ) ( 1803 – 1885م ) و ذلك في يوم 22 من شهر  أغسطس  من عام 1846م امتدادت للجهود العلمية التي سبقته في كل من انجلترا نفسها و المانيا و فنلندا و لقد ظهر هذا المصطلح ( فولك – لور ) بعد ذلك و هو بمعنى ( حكمة الشعب ومأثوراته ) و يطلق على كل موضوع من ابداعات الشعب المختلفة. وأصبح هذا الفن تعبيرا مباشرا بالصدق و يجمع في مادته خبرات ثقافية موروثة وتجربة حية معيشة بوسائل تعبير مختلفة.

في تراثنا العربي ظهرت مواد المأثورات الشعبية بشكل واضح في القرن الثامن و أهم يميزها قدرتها على الاستمرار في عملية الابتكار والإبداع في تتابع الاجيال، ويتحول الموروث الثقافي إلى مأثور ثقافي حي في تواصل أيضا مستمر في اطار من الرؤية العلمية والفنية المعاصرة فهو إضافة انسانية مستمرة للحياة ووسيلة مباشرة من وسائل معرفة الإنسان عبر العصور من خلال رؤية فكرية وجمالية.
     
و حقيقة أن ما يمثله هذا الفن من علاقة قوية، وحية لحياة الناس ويزاولونه هم انفسهم من خلال مبدعيهم اجيالا وراء الاجيال في تتابع مستمر،فهو يمثل في حقيقة الامر الفن الجماهيري بعينه الذي ينبغي تاكيده واظهاره و الاهتمام به و نشره و الحفاظ عليه فهو تعبير صادق عن الذات القومية و الوطنية.

أولا/ مدخل للفن التشكيلي الشعبي:
التعريف:
    الفن الشعبي التشكيلي جزء مهم من المأثور الشعبي أو ( الفلكلور) وهو مادة ابداعية ابدعها الشعب تلقائيا يعبر بها عن فكره ووجدانه، ويمتزج فيها الموروث الثقافي التاريخي مع الخبرة الإنسانية في تجربة الحياة اليومية.

الأصالة و الحداثة في العمل التشكيلي الشعبي:
     الأصالة هي عراقة النسب لشيء أو لشخص ما بتأصيل الجذور في اعماق الماضي و ربطها بالتجديد نحو الأبتكار و الأبداع في المستقبل هو الطريق الصحيح لفهم التراث و جعله صالحا للاجيال القادمة بركائز قوية للوصول إلى التقدم المنشود بوثبة عالية وبذلك يصبح مفهوم الاصالة بهذا المعنى الاشارة إلى الابتكار الدائم و التجديد دون التقليد و الاتباع.

       ان خصوبة العمل الفني لا تتوضح الا بجدته و التنبوء بنجاحه نظرا لمعرفتنا المسبقة لاصالته، فعندما ننشد الجديد لابد من أن نتعرف على القديم و ثمة من ينبه إلى أن نفطن إلى تربية الاصالة في نفوس النشء الجديد و هي الضمان الوحيد لتنمية حرياتهم وتطوير قدراتهم الأبداعية،و أن الانجاز الاصيل هو السبيل الوحيد من أجل اللحاق بركب الإنسانية و التسامي إلى مستوى لا شمول أو كلية في الدعوة للحرية الأبداعية.

       لم تقف عجلة الابداع للعناصر التشكيلية في العمل الفني الشعبي عند حقبة زمنية معينة أو اقتصرت على حدود مكانية معينة، بل سارت واستمرت ماثلة في حركية مطردة في التعبير الفني و التقنية و الممارسة الشخصية والجماعية من مصممين ومنفذين في خبرة اصيلة في تعبيرها وقدرتها على استلهام عناصرها الاساسية ذات مكونات تاريخية فكرية وعقائدية جاءت لتلبي حاجات ورؤى مستقبلة جديدة ومعاصرة تبعا لما يبغيه جيل معين في فترة زمنية أيضا معينة.

     إن الفنان الشعبي لهذه المأثورات الشعبية عندما يتناول موضوعات أو أشكال من التراث المحلي و هو على سبيل المثال في منطقتنا العربية عليه أن ينظر إلى هذا التراث الخاص بالبيئة و الظروف المحيطة بها لتكوين مصدر ألهام لتجسيد و تحريك عنصر الحداثة فانه من الضروري و المهم في نفس الوقت نفسه من أن يتنبه إلى الاسس الفكرية والعقائدية الكامنة وراء مظاهر الأبداع الفني التقليدي المتوارث عبر الاجيال لهذه الأعمال الفنية، فأستلهام العناصر أو الموضوعات من هذا التراث الشعبي بأنماطه الثرية يحقق لنا قفزة نحو الحداثة في نشر الوعي بحضارة هذه الامة و تأكيد مشاعرها في الأنتماء و الأصالة بامكانيات حديثة ووسائل أفضلمتطورة وتقنية عملية متقدمة. والحداثة تتطلب مقاييس وضوابط لابد من مراعاتها وهذا بدوره يتطلب كيفية معينة للتوازن المستمر مع التقدم في التقنية العملية و الوعي الثقافي العام.

      ان مكونات الشكل العام للتراث تتغير و تنمو و تتبدل على مر العصور و هذا طبيعي جدا من أجل الحيوية و الأصالة التعبيرية في تواصل حي متطور لابد للفنان منالتعرف و الوقوف عليها بشكل مبتكر ووعي تام ومتفتح لركائزه شكلا ومضمونا مع العناية بعناصره المتجددة ومضمونة الأصيل المتطور هو الاخر عبر الزمان مهما كان قريبا أو بعيدا فلا عجب أن نستلهم التراث بغية احياء الماضي الذي قد يكون تراثا رجعيا متخلفا أو يكون تراثا ثوريا تقدميا عندها نستطيع أن نميز ما يفيدنا وبالتالي نترك ما لا يفيدنا ومعنى هذا بأن عملية التواصل ينبغي أن تستمر في توازن ثقافي بين ما كان و ما يجب أن يكون في عصر يتميز بالحيوية و تداخل الخبرات الفنية و العلمية والأجتماعية و في أوجه النشاط الإنساني العالمي كافة و نحب أن نشير إلى أهمية دراسة علمية فنية عالية متخصصة مستقبلا بمعاهدنا و كلياتنا المعينة بالفنون الجميلة والتطبيقية لتوضيح أساليب تطوير هذه الفنون التقليدية لتواكب مقتضيات العصر والاستمرارية في الحداثة برؤى علمية نشطة تسعى لتحقيق حيوية لهذا التراث الخالد بتميز المهارات ووضع الخطط التي من شانها أن تبني حجر الاساس للمبدعين كافة.

خصائص و مميزات العمل التشكيلي الشعبي:
     حتى نصل إلى وضع خطة تقدمية للرفع من مستوى العمل الابداعي للفنون الشعبية لابد لنا من الوقوف على أهم خصائص و مميزات هذا النوع من الفن، و تختلف العناصر والمميزات مع ما يمثله هذا الفن مننشاط فني بين جيل و اخر و بين منطقة و أخرى، و لكن توجد عناصر تكاد تكون اساسية وعامة و هي التي ترفع منالذوق و التربية و تدعو للاحساس به:

أ – الجانب التعبيري:
الذي يمثل قدرة الفنان الشعبي على توظيف فكرته و تناسق عناصر اشكاله الخطية و اللونية بشكل نقول عنه تلقائي وذي موضوع شاعري أو وصفي أو حتى ماساوي جدا في بعض الأحيان وياتي فيالعادة باسلوب محكم ولغة شعبية تشكيلية سهلة و هادفة.

ب- الجانب الشكلي:
والذي يتكون من تناسق عناصر معنية تخرج بأشكال موظفة توظيفا معبرا وقابلا للجانب التعبيري السابق في وحدة تلاحم من شأنها أن توفر قيما جمالية وفنية تدعونا إلى جانب يتفرع إلى عناصر مختلفة أخرى نجملها في نقاط تالية:
1/ العنصر الخطي و اللوني و الحركي:
لا ينجح أي عمل فني تشكيلي مهما كان عظيما الا بنجاح الجانبين الأساسين وهما جناحا العمل الفني ويمثلان الجانب التعبيري والجانب الشكلي ولابد لنجاح الجانب الشكلي من نجاح توظيف الخط واللون وحركة كل واحد داخل هذا العمل الأبداعي كعناصر رئيسية هامة يقوم عليها أي بناءتشكيلي بشكل عام ناهيك من الجانب الرمزي الذي يندرج تحت الجانب التعبيري في توزيع الخطوط ورموزها والوان الأشكال ودلالاتها السياسية و الاجتماعية والنفسية و نعني على العمل التشكيلي الفني حتى يرتقي إلى مرتبة العمل المبدع وعفوية الخطوط والألوان والأشكال لا تقودنا دائما للنجاح، بل تنظيمها وفهم التكوين العام فالخطوط والأشكال والألوان لها أدوار معينه دالة على المخرج الجيد من الاتقان في توزيعها ناجحا في حركة ووحدة مفعمة بالقيم الجمالية التي ترقي بالعمل الفني إلى مستوى القمة في الأبداع ولو كانت بأسلوب وتقنيات بسيطة، فالعمل الفني الناجح دائما يخرج من بساطة في التكوين وتلقائية في التعبير والأداء بأسلوب فني منظم.

2/ عنصر الملمس:
وهو عنصر له أهميته وقيمته العالية بالذات في الفنون الشعبية التشكيلية وذلك لأهمية السطوح التي يتعامل معها ويستخدمها، فاختلاف مادة الصوف والحرير والخشب والرخام والحجر والفخار ونحوها يساعد على نجاح العمل وله اهميته وطبيعته الجذابة فالتحف الفنية التقليدية تاخذ القلوب ورونقها الخاص وعرض ملامسها بوضوح طبيعتها وصدقها الفني والمادي.

3/ عنصر الكتلة:
تزداد اهميته الفن الشعبي لعنصر الكتلة والإحساس بها في تجسيد العناصر الشعبية اساسا منخطوط وأشكال بوسائل ومواد مختلفة مما يعطيها تجانسا في مختلف درجاتها ومستوياتها وطبقاتها مع تكامل تام للجانب التعبيري بدون شك.

4/ عنصر التكوين:
     وهو الذي نسميه بأبي العناصر جميعا و حاميها و راعيها، فهو الجامع المانع الذي يجمع كل العناصر و يمنع الخروج عنه، فهو البناء الكامل الذي يتوخاه الفنان في صياغة كافة العناصر و الاشسكال و الألوان و تطابقها أيضا في هذا العمل الابداعي في وحدة كاملة يعكس خبرة الفنان منناحية وقيمة العمل الذي يزاوله و يحمل في طياته كل العناصر وسواء كانت بسيطة أو معقدة جلية أو غامضة ظاهرة أو باطنة فهو الاتزان بعينه وقوة التعبير الرصين المطلوب.

ثانيا/ الفن التشكيلي الشعبي في ليــببا ـ  تاريخه و أنواعه:
      يمتد زمن تاريخ المأثورات الشعبية أو فنون الشعب الليبي التقليدية إلى زمن بعيد موغل في القدم، فمنذ أن وطئ الإنسان هذه الأرض بدات معه ارهاصات و دوافع هذا العمل الفني لضرورته الحياتية و انسجامه مع هذه الطبيعة جعلته أكثر قربا من المادة و التشكيل.

      ان فنون الكهوف الليبية تزخر بهذه الأعمال التشكيلية الأولى و التي جاءت تلقائية فطرية ابدعها هذا الإنسان فكانت معبرة عن فكره ووجدانه في تجربة حياته اليومية التي كان يعيشها في تلك الفترة ومع مرور الوقت ازدادت الحاجة إلى صنع اشياء و اشياء وفي كل مرة يطورها من اجل الملاءمة معتمدا على تجاربه السابقة كموروث ثقافي تاريخي ودليلا يوجهه. وهكذا تنوعت المصنوعات واختلفت مادتها والحاجة إليها عبر السنين حتى اصبحت تشمل سائر أنواع النشاط الإنساني المختلفة منملبوسات وأدوات وحتى عمارة.

      كان لتأسيس الفنيقيين لعشرة مراكز تجارية على طول الساحل الليبي مثل ماركا اويات و لبدة و صبراته و غيرها خلال القرنين السادس والسابع قبل الميلاد دليلا قاطعا على أهمية هذه المنطقة من إنتاج للصناعات الحرفية التجارية حيث كانت تعج بنشاط تجاري فعال يربطها مع دول اوروبا شمالا والأراضي الافريقية جنوبا وبين المشرق والمغرب. وكانت هذه الفنون اليدوية أوليات اهتمامات وتشجيع الفنيقيين، ثم مرت على البلاد أقوام من الغزاة مرة تلو المرة من أغريق و رومان ووندال وبيزنطين وخلال هذه الحقب التاريخية استمرت بدون شك صناعة الفنون الحرفية و بصورة جيدة أشغال الخزف والنسيج والفخار والزخارف المعمارية المختلفة مرورا بالفتح العربي وما تلاه من فترات تاريخية مختلفة وإلى يومنا هذا فقد كانت للعرب المسلمين نهضة شاملة من بينها تشجيع هذه الحرف ودعهما مما أصلها في كيان الإنسان وصارت جزءا من حياته ومعايشته لها ثم على اثر الغزوات الاستعمارية وما صاحبها من شظف العيش و قسوة الحياة صار الاعتماد على الحرف اليدوية الخاصة امرا ضروريا لاستمرار الصناعات ولكنها كانت رخيصة ومتواضعة مما تولد روح نقل هذه الصناعات من جيل إلى جيل وجعل الكثير من الاسر تحافظ على هذا النشاط حسب توفر امكاناته الطبيعية التي تزخر بها، فكانت السجادة مثلا من صنع محمودي أو "بوسيفي" نسبة إلى مازال اصحاب المهنة يعرفون الجرود أو الحوالي على انها نالوتية و أخرى ديارية أو سواحلية و كذلك من خلال تقنية الصنع و الزخارف الخطية واللونية التي تحملها نجد الخيمة لاهل سهل جفارة و الأخرى لاهل سرت أو المنطقة الوسطى وهكذا.

     كان لإنشاء مدرسة الفنون الصنائع في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي و بداية القرن القرن العشرين الاثر الكبير في رسوخ هذه الصناعات وامتدادا منظماو مقننا لهذه الفنون الابداعية، فكانت صناعة التجارة والحدادة وتطريز الجلود والسروج والحياكة من أهم التخصصات زد على ذلك الاحذية والطباعة والبناء والنقش و الموسيقا والرسم كانت كلها تدرس بمدرسة الفنون والصنائع الإسلامية ومن قبل اساتذة عرب ليبيين واتراك ومغاربة واندلسيين وكانت معظم المنتوجات ذات فنون نفعية تطبيقية خالصة.

     و من الناحية التنظيمية كانت الصناعات التقليدية تخضع لنظام نقابي اشبه ما يكون بالانظمة التي ازدهرت في بعض الازمنة باوروبا خصوصا في ايطاليا، فكانت كل نقابة يرأسها امين يشرف على صناعتها من حيث الاتقان والجودة و مراقبة اسعارها ويقوم به تحت اشراف عام شيخ البلد الذي تعينه السلطات في تلك الفترة.

     استمرت الفنون الشعبية التقليدية مع وجود المستعمر الأيطالي أيضا وكانت الحياكة و اشغال الجلد و كل أعمال الزخارف العربية الإسلامية على رأس هذه الفنون التطبيقية دون أي مساعدة كبيرة تذكر حيث يقوم الأهالي في داخل الأسر الصغيرة بعمل تلك الفنون و نشرها بين الأجيال في تواصل مستمر. كانت صناعة البسط من أهم الصناعات الحرفية للبنات قبل الحرب العالمية الثانية في مدينة طرابلس ومن ابرز الفنانات في هذا المضمار نجد كل من جميلة الأزمرلي وزكية بن شعبان على سبيل المثال لا الحصر تخرجتا من مدرسة الفنون والصنائع في وقت مبكر من بين 25 ايطالية دخلن هذه المدرسة في عام 1903 م، بينما اتجهت البنية إلى تعليم وتدريب الموهوبين في مجال الخزف، و قد كان في عام 1914 م من اجل توفير المستلزمات الخزفية و الفخارية وتعليم الطلاب الليبيين الموهوبين والعمل على تحسين صناعة المشربيات والأواني المختلفة الهامة في الاكل و المشرب و بلاط الجدران المزخرف الجميل الذي يستعمل في الحمامات وتوثيق اللوحات الزخرفية الإسلامية على البلاط القيشاني و في مجال الزخرفة بمواد أخرى نجد الجص الذي يلعب الدور الكبير في نقش المساجد والبيوت و المداخل وكل ذلك في يتم بتشكيل يدوي بسيط يجاري الحياة اليومية العربية والإسلامية بفنونها المختلفة وعاداتها وتقاليدها.

خصائص الفن الشعبي التشكيلي الليبي:
     الفن التشكيلي الشعبي الليبي يتنوع بتنوع مواده الخام والحاجة إليه، فقد طوره الليبيون بشكل يتناسب مع طبيعة البلاد و تقاليدها الشعبية، فنجد الصناعات الصوفية اليدوية متواجدة مع هذا الإنسان الليبي منذ زمن بعيد فلا عجب أن اللباس الليبي تفرد في العالم بطبيعته الخشنة أحيانا أخرى فهذا وبنعومته أحيانا أخرى فهذا الجرد أو الحولي على سبيل المثال يكتسب شهرة عالمية وتاريخية، فاخذه الرومان عن الاغريق و الاغريق عن الليبين منذ مئات السنين و نقل عن الليبيين الكثير من الزخارف الخطية البسيطة ذات الدلالة التجريدية وزخارف السجاد و الألبسة والأغطية والمرقوم والحمل والكليم وبيوت الشعر والوبر و نحوها كلها تحمل زخارف ذات خصائص يدوية بيئية تترجم نمط الحياة البدوية المناخية الحارة نهارا والباردة ليلا، زخارف في قمة التجريد والنقاوة والبساطة، عفوية في تخطيطها ولكنها تحمل سمات هذا البلد المميزة.

       الفن التشكيلي الشعبي الليبي له ايقاع في خطوطه و انسجام في ألوانه ودقة وضوح أشكاله دون اللجوء إلى المنظور والتظليل، و لقد حقق بالتالي إحدى الوظائف الرئيسية للعمل الفني مما يجعلنا نشعر بالمتعة البصرية تجاهه وهذه الخصائص البصرية تخدمه رمزيا في التعبير عن طبيعة و حياة المجتمع في هذه المنطقة و قد جاءت الوانه متناسبة مع ما يرمز إلى طبيعته من سيكولوجية الناس العامة، ألوان صريحة كصراحة هذا الشعب فنجد اللون الأحمر على سبيل المثال يسيطر على بعض مساحات الزخارف الشعبية لادراك القدماء بأن اللون الأحمر يرمز إلى خاصية تتعلق بالحياة والسرور من جهة وبالحرب من جهة أخرى وهو لون الدم بطبيعة الحال المعروفة فهو قوة الطبيعة الخصبة الحية وهو لون الشوق الشديد على اعتبار الأحمر أشد الألوان تأثيرا بينما نجد الأخضر فهو لاشك لون الحياة و النمو و لون الخضرة يبهج العين ويرمز إلى الجنة ثم اللون الأصفر يمثل اللون الذهبي للاراضي الشاسعة الليبية الصحراوية ، لون الضياء و النور و الشمس وليس له علاقة بما يرمز له اللون عند بقية الشعوب الأخرى.

      الأشكال الزخرفية من وضعها لفهمها بهذه الصورة و خصوصا فيما يتعلق بقضية ابعاد العين الشريرة و الحسد و نحوها مما لايتسع المجال لسردها. يكفي بأن خصائص هذا الفن نابعة من وظيفته أساسا وتعبير صريح عن سماحة وصفاء سريرة مبدعيها انسجاما مع الظروف البيئية والجمالية وتأخذ الألوان مساحة في الفنون التشكيلية الشعبية لتختم بها اشكالها رمزا لسمرة بشرة هؤلاء القوم.

واقعه اليوم:
    ان أهم هدف للفن الشعبي العالمي تسجيل و رصد كل المظاهر الفنية الأبداعية التي يستخدمها أو يتناقهلها الناس البسطاء الذين لم يتأثروا بالطبيعة المدنية في العادة، فن قائم على الحاجة اليه و ضرورته الاقتصادية و الأجتماعية والجمالية و الأخيرة ترتبط بالمهارات و المعارف التقليدية التي تحبب الناس اليه وترغبهم فيه حسب الذوق السائد فهي تلك الجماعات ولقد تراجعت صناعة الحصر على سبيل المثال المصنوع من مادة ( الديس) على اعتبار أن الحصير لم يعد يستعمل كثيرا ومن الكماليات ولا يمكن استعماله في المدن وضواحيها نظرا لسيطرة الحصير البديل المصنوع من اللدائن الرخيصة والسهلة الاستعمال وهذا يؤثر على الصناعات التقليدية الشعبية كثيرا ة يحد من نشاطها و تداولها.

    الصناعات التقليدية للمصنوعات المعدنية من فضة و ذهب و حلي متقدمة ولكنها ذات زخارف و مع الاسف ليست نابعة من صميم الزخارف الشعبية المحلية بل هي معظمها مقلدة و مكررة لا ينسب معظمها إلى هذا البلد. فالأبداع الشعبي يصدر من رؤية فنية للمجتمع في اطار عاداته و تقاليده كما وضحنا وتعبر بصدق و بساطة عن الثاقفة التي تحدد معالم الشخصية الحضارية لهذا المجتمع و لكن واقع هذه الصناعات التقليدية بحاجة إلى توجيه ووعي للفنان المبدع و المتلقي.

ثالثا/ الفن التشكيلي الشعبي اليوم و المستقبل:
1- الشكل و المضمون:
    لكل عمل فني بشكل عام شكل قام عليه كقالب تنظيمي لعناصره المكونة من خطوط و الوان ومساحات، هذا ما يعكسه العمل التشكيلي من تصميم عام و هذا لا يقوم بوظيفته و لا يصبح ذا اهمية حتى يكون له مضمون يحققه هذا العمل ولا يكتمل الا بفلسفة و هدف تجميع تلك العناصر التشكيلية فالشكل و المضمون هما الاساس الذي يحدد و يحرك العمل الفني مهما كان نوعه و هدفه، الشكل فعل ابداعي هدفه تنظيم التجارب الذاتية ضمن اطار الاصالة و الذوق العام السائد في المجتمع خلال فترة زمنية معينة بينما المضمون تلخيص لموقف انساني من بيئته و مجتمعه فالعمل الفني ينبغي أن يتجه نحو التاثير على وجدان الناس من خلال الشكل أو الأشكال الموزعة توزيعا ايقاعيا معينا حتى يكتمل العمل الفني و يصبح بالتالي للشكل و المضمون صلة عضوية لا يحيا الا بهما معا، الشكل هو الفعل الظاهر الذي باستطاعته كل مشاهد أن يراه بينما المضمون فعل باطن يرشدنا إلى التفكير و التأمل بوسائل و عناصر تشكيلية جمالية معينة.

وحتى تتحقق عملية الأبداع فيالعمل التشكيلي الشعبي أو ما يعرف بالمأثورات الشعبية و نصل بها إلى الغاية المطلوبة في تحقيقها ينبغي مراعاة دراسة الشكل من ناحية و المضمون منناحية اخرى و ربط قضية الفن بالمجتمع و تطور الفن من خلال تطور المجتمع نفسه نحو تفهم معاني ة دلالات هذا الفن و الرقي بها فهو يعكس طبيعة ثقافة الشعب و لا يمكن تجديد الشكل دون الرجوع إلى الأصل و هو الأصالة، أصالة هذا الشعب وهذا يقودنا إلى دراسة الجذور التقليدية وانتقاء ما ينفع و يساهم في التقدم و ترك ما لا ينفع فلا يكون هناك داع لصياغة الاشياء غير المتمشية معنا و لا يمكن دراسة الشكل الجديد دون الرجوع لدراسة مسألة التراث الأصلي بشكل دقيق، فالشكل الزخرفي على الكليم أو السجاد الشعبي اليدوي البسيط المكون من خط و لون و مساحة و فضاء هي وسائط تاريخية تجريبية اكتسبها الفنان الشعبي منخلال تجاربه و ممارسته هذا العمل بغية ابراز غاياته في تقبل هذا العمل النفعي و هو الاستفادة من المادة نفسها و الاقبال عليها و لكن انتقاءه لهذه العناصر و طريقة وضعها و تشابكها و تمازجها قد ينجم عنه فن أو قد تنجم عنها فوضى و بالتالي اذا لم يكن الفنان يدرك هذه العناصر و يفهم معانيها فهو لا ينتج عملا ابداعيا له قيمة جماية ويعرض هذا الفن إلى المسخ و الضعف مهما كان معناه و رمزيته و محتواه ويفقد تواصله و مكانته العالية.

2- التقنية و الابتكار:
    يتطلب العمل الفني عناصر تشكيلية معينة لترجمة مضمون و تعبير عن رأي معين و هذا لا يتحقق لا بتقنيات و ابتكارات خاصة، فالأولى تعتمد على وسائل تساهم في سرعة و دقة العمل الفني و الثانية تعتمد على براعة وثقافة و ذكاء و حسن تصرف الفنان نفسه.

     فالفن التشكيلي تتعدد سائله و مواده مهما كانت بدائية فالمبدع دائما يلجأ إلى عناصر تعينه على عمله الحرفي و بأسرع و أسهل الطرق النفعية اليومية المتعددة و الضرورية، كلما كان هذا المبدع يبحث عن تقنيات جديدة لعمله كلما كان ناجحا و بالتالي يسهل عليه الابداع و الألق أيضا هو يتكامل مع تفهم الشكل و المضمون و باقي مقومات العمل الفني الاخرى.

الوقوف على الجديد في التقنيات مع الحرص على سلامة اخراجها دون المساس بالأصل أو التراث الشكلي و الرمزي يساعد على نجاح هذا العمل وينشطه و ينشره، و لا تبرز التقنيات الفنية في العمل الشعبي الا اذا صار هناك اهتمام خاص بها و هي منالعلامات الثقافية لاتساع الافاق أمام الفنانين التشكيليين للخوض في مجالات و فرص أكثر.

      طرق الاستفادة من ابتكارات الاخرين و توظيفها للعمل الفني مهمة وأسلوب جاد نحو التعمق في حل معضلات تواصل و تقدم هذا الفن والتنافس مع الفنون العالمية لأخرى ومسايرتها. تقنيات العمل الابداعي الشعبي لا تخرج من اطار ابداعات هذا المجتمع و ظروفه البيئية و امكاناته و لكن بوجود عوامل مساعدة تكشف عن تقنيات و ابتكارات جديدة خاصة في كل مرة فالطينة الممتازة في منطقة غريان على سبيل المثال طريقة معالجتها وسهولة الحصول عليها و بأسرع الطرق و بأحدث الوسائل عوامل تساعد على تطور العمل و تقدمه شعبيا ايضا فالحلول المادية و بالطرق المنهجية العلمية السليمة ينبغي ان تنطلق نحو الابتكار. و دائما ترتبط عملية الابتكار أو الخلق بالتقنية و تدريب الشباب على استعمال الالات في ايجاد تقنيات مساعدة تسهّل عملية الابداع.

     مسألة الابتكار هامة جدا حيث ان التقليد هو السكون للضعف و الجمود ومظهر منمظاهر العجز و الركون إلى الانحطاط و التشويه و الانحلال وتختفي الشخصية وتضيع المعاني الأصيلة. و الفن الرفيع لا يقدم و لا ينهض الا على أساس الابتكار و البناء و الابداع و ذلك باتاحة الفرص في الحرية الكاملة و المنظمة التي تجعل من الفن بجميع صوره يأخذ طريقه الصحيح.

    على الفنان الشعبي أن يتقبل كل ظواهر الابداع و الابتكار بروح الفهم والمسئولية لما يعمله فلا قيمةللعمل لكمه أو لكيفيته و القيم الجمالية متوقفة على الكيف و ليس الكم دائما. فلا للكسب المادي فقط بل للذوق الجميل والأحساس المرهف و الشعور الدقيق و الذهن المتيقظ و الفكر المتفتح بالتطوير و البحث عن الجديد و المفيد الذي لا يخرجنا مندائرة الفن الأصيل المحلي و بعيدا عن التقليد الغربي الجميل في مظهره القبيح في جوهره ومعانيه.

     هذا هو الفن الشعبي الذي نريده و سيكون مستقبله زاهرا فلا مستقبل دون وضع خطة علمية فنــية مدروسة نحو تحقيق عمل فني مبدع يعكس تراث هذا الشعب و أصالته و حضارته.

الخاتمة و الاستنتاج:
    الفن التشكيلي الشعبي فن ذو أصالة و امتداد متواصل بين الاجيال في الابتكار و الابداع و يعكس فنا جماهيريا حيا و ثقافة شعبية نابضة بالصدق والاحساس و التعمق لشتى مظاهر الحياة و نستطيع أن نخلص إلى نقاط هامة ينبغي العمل على دراستها:
1-   ينبغي أن يسير هذا الفن وفق خطة علمية فنية مدروسة و أن يستفاد منه في شتى ضروب الثقافة العامة للمجتمع من الناحية الاجتماعية والنفسية و التاريخية و الفنية.
2-        تحديد أسلوب موحد لجمع وتسجيل و تصنيف مواد المأثورات الشعبية التشكيلية الشائعة في ليبيا.
3-        توفير المتطلبات المادية و المعنويةالتي من شأنها أن تساعد على الأداء والبحث العلمي و الفني السليم.
4-        فتح مراكز تدريب و تعليم تقنيات حرفية و توجيهها نحو تفهم معانيها وبث الروح الجمالية كقيمة للابتكار و الابداع.
5-        تحقيق نهج علمي و فني متكامل في العمل الميداني لدراسة التراث أنواعه و أطرزته في ليبيل.
6-        تشجيع مبدأ الابتكار و الابداع في الفن التشكيلي الشعبي.
7-   التعاون مع وسائل الاعلام المختلفة لاثارة الاهتمام بهذا الفن الجميل وتفهم أصوله و معانيه و نشره لكافة الناس و لكل المستويات.
8-   الاهتمام بالفخار و الخزفيات و السجاد و لأشغال المختلفة المصنوعة من سعف النخيل و جريده لما يمثله من أهمية لهذا الشعب كأقدم الصناعات التقليدية التي عرفها الأنسان على هذه الأرض وارتبطت بالتطور الحضاري لتاريخ الشعب الليبي.
9-   توثيق مواد الفن الشعبي التشكيلي بالصورة و الرسم و هي عملية أساسية لدراسة مقومات الثقافة الشعبية للمجتمع و تقييم قيمه الابداعية و الجمالية.
10- مساعدة المبدعين على حل مشاكلهم المختلفة التقنية و الجماليةدون المساس بأساسيات الابداع التقليديةالحرفية.
11- توجيه الحرفيين إلى هذه الصناعات التقليدية لأهميتها السياحية والفنية و الثقافية لحياة المجتمع، و التصدي للتيارات الثقافية الوافدة المؤثرة.
 12- على ثقافة البلد وفكرها الأصيل. تأسيس و فتح متحف وطـني قومي خاص بالمأثورات الشعبية.
13- الاكثار من المسابقات الفنية و المعارض التي تخص هذا النوع من الفن.
14- توعية النشء الجديد على تفهم و تقبل رموز الفن الشعبي و تربيتم على حب الوطن و فنونه من خلال تفهمهم لأهدافه و أصالته و رموزه العامة.


المراجع:

1-      إبراهيم، زكريا ( دكتور ) الأصالة ماذا تعني؟ و ما دورها في حياتنا؟ مجلة العربي، العدد (196 ) الكويت.
2-      أبو غازي، بدر الدين ( الفن في عالمنا )، دار المعارف، مصر، 1981 م.
3-      خشيم، علي فهمي ( قراءات ليبية )، دار مكتبة الفكر، طرابلس – ليبيا. بدون تاريخ .
4-      الشاروني، صبحي ( الفنون التشكيلية )، دار الطباعة الحديثة، مصر، 1958 م.
5-      الشال، محمود النبوي، العناصر التشكيلية في بنية الفنون التشكيلية الشعبية، مجلة الفنون الشعبية ( العدد الثاني و العشرون )، مصر، 1988م.
6-      الشال، محمود النبوي ( التوجيه في الفنون العملية )، مكتبة نهضة مصر الفجالة، مصر، 1958 م.
7-      جمعة، حسين ( قضايا الإبداع الفني)، دار الأدب، بيروت – لبنان، 1983 م.
8-      رشيد، عدنان ( دكتور ) ( دراسات في علم الجمال )، دار النهضة العربية، بيروت – لبنان، 1985 م.
9-      صفوت، كمال ( الأصالة التقليدية مصدر الهاد الحداثة)، مجلة الفنون الشعبية، العدد ( 49 )، الهيئة المصرية للكتاب، 1995م
10-  صفوت، كمال ( الفلكلور تعبير عن أصالة الشعوب )، مجلة العربي، العدد ( 243 ) 2 – 1979م.
11- صفوت، كمال، ( الوصول إلى منابع التراث الشعبي )، مجلة المأثورات الشعبية، السنة الثالثة، العدد العاشر، مركز التراث الشعبي، الدوحة – قطر، 4- 1988 م.
12-  طرابلس في مائة عام، بلدية طرابلس؟
13-  عبد الملك، جمال ( ابن خلدون ) ( مسائل في الإبداع و التصوير)، دار الجيل، بيروت – لبنان، 1991 م.
14-  عطية، محسن محمد ( دكتور ) ( تذوق الفن )، دار المعارف، مصر، 1995م.
15-  محمود، زكي نجيب ( دكتور ) ( إحياء التراث و كيفية فهمه )، مجلة العربي، العدد ( 265 )، الكويت، 12/ 1980 م.
16-  مع الفنون – مجله عدد خاص، مدرسة الفنون و الصنائع الإسلامية، الجماهيرية العظمى 1997 م.
17-  نوبلر، ثاثان ( حوار الرؤية ) ترجمة/ فخري خليل، المؤسسة العربية للدراسات و النشر، بيروت - لبنان، 1992م.
18-  هارون، عبد السلام ( التراث العربي )، السلسلة الثقافية، المركز العربي للثقافة و العلوم، بيروت – لبنان. 


تعريف بالكاتب على هذا الرابط/

أخبار




تأسيس وإشهار جمعية حُماة البيئــة اللـيـبـيـة



المنارة للإعلام   
متابعة: المبروك أحمد حويل
عقد الاعضاء المؤسسون لجمعية حُماة البيئة الليبيـة الاجتماع الأول للمؤتمر التأسيسي للجمعية وتناول الاجتماع عرض ومناقشة ميثاق تأسيس الجمعية ومشروع النظام الأساسي المقترح حيث استعرضت اللجنة التأسيسية برئاسة المهندس ( أحمد سلطان المجبري ) مستهدفات وبرامج عمل الجمعية، وناقش أعضاء المؤتمر التأسيسي النظام الأساسي و الميثاق التأسيسي لجمعية حماة البيئة الليبية.
وقد تضمنت المواد الأساسية لنظامها الأساسي أسم الجمعية وحدد موطنها القانوني والمقر الرئيسي لها بمدينة “جالو” التي احتضنت فعاليات اجتماعها الأول، والتي تعاني ايضا التلوث البيئي نتيجة العمليات النفطية لإنتاج النفط والغاز، كما نصت مواد النظام الاساسي على ان تكون لها الشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة، وأنه يجوز إنشاء فروع لها في الداخل والخارج وفق أحكام نظامها الأساسي.
وتسعى الجمعية للعمل على التوعية بأهمية البيئة النظيفة والحؤول دون تلوثها أو تلويثها والدفاع عن حق الإنسان في أن يحيى في بيئة نظيفة في ليبيا، ويشمل ذلك تعزيز حق الإنسان في البيئة ونشر الوعي بحماية وإصحاح البيئة ودراسة الوضع البيئي بالمناطق ومراقبة معدلات الأداء بغية الحد من التلوث البيئي والمساهمة في دراسة الظواهر المسببة للتلوث البيئي ووضع الحلول الملائمة لها، وكذلك التبصير بضرورة حماية المصادر العامة لمياه الشرب، وإرشاد المواطنين الى الأضرار الناتجة عن التلوث البيئي وأساليب الحد منه، والتحذير من الاستخدام الخاطئ للمبيدات والمواد الكيماوية، وإصدار النشرات والدوريات ذات العلاقة بالتوعية البيئية، وما الى ذلك.

كما تضمنت مواد النظام الأساسي للجمعية أحكام وشروط العضوية، وحقوق وواجبات الأعضاء، والهيكل التنظيمي والجهاز الإداري للجمعية، وتكوين واختصاصات الجمعية العمومية واجتماعاتها، وتكوين واختصاصات الأمانة العامة ونظام عملها ومهامها واجتماعاتها، وتكوين لجنة الرقابة واختصاصاتها، والنظام المالي للجمعية ورسوم العضوية والاشتراكات واللوائح الداخلية، وتسجيل وإشهار الجمعية.
وقد جرى خلال هذا الاجتماع اختيار الأمانة العامة للجمعية ولجنة الرقابة بطريق الانتخاب السري المباشر وذلك على النحو التالي:
الأمانة العامة برئاسة المهندس ( عمر المبروك درمان ) وعضوية كل من ( المهندس/ الصادق عبد الرحمن اللقان – المهندس/ عبد الحفيظ مصباح شناني – المهندس/ محمد صالح جمعة – المهندسة/ أمنة فرج مضوة).
ولجنة الرقابة برئاسة المهندس ( احمد حسن أبوبكر الزوي، وعضوية كل من الأستاذ/ حسن صالح عوض – الأستاذ/ أحمد محمد ماقيق).

الأربعاء، فبراير 22، 2012

محاضرات



تتشرف الهيئة الليبية للمعماريين الإعلان عن استضافة أحد رواد العمارة العربية المعاصرة، المعماري راسم بدران، حيث سيقوم بإلقاء محاضرة ضمن برنامج الاجتماع العمومي، بعنوان" تأملات في رؤية المكان، عمران الترغيب و ليس الترهيب". وذلك يوم الاربعاء الموافق 29/02/2012م.  

المكان/ مسرح الطفل - بنغازي.

وسوف يتم نشر البرنامج التفصيلي خلال اليومين القادمين. وسيقتصر الحضور على المنتسبين للهيئة ومن توجه لهم الدعوة فقط.

لأي استفسارات يرجى زيارة صفحة الهيئة الليبية للمعماريين على الرابط التالي/

الأحد، فبراير 19، 2012

أخبار


معرض إعادة إعمار ليبيا
ينطلق غداً بمشاركة 310 شركة عالمية



إيراسا/ وكالة أنباء الإمارات
طرابلس في 18 فبراير 2012 م.
تنطلق في طرابلس غداً فعاليات المعرض الدولي لإعادة بناء وتطوير ليبيا بمشاركة 310 شركة عالمية من 27 دولة.
وقالت مصادر شركة الخلان المنظمة للمعرض الذي يستمر ثلاثة أيام أن الشركات العارضة تختص في مجالات البناء والتشييد والطرق والجسور إلى جانب التدريب والاستشارات والخدمات الصحية والصناعات الكهربائية والهندسية والدوائية.
وقال مدير الشركة عصام المزداوي أن هذا العدد الكبير من الشركات العارضة والتي من بينها 55 شركة ليبية يعكس ثقة المجتمع الدولي في سرعة تعافي الاقتصاد الليبي مؤكدا أن هذه الشركات أبدت استعدادها التام وجاهزيتها للعمل والمساهمة في بناء ليبيا على كافة المستويات.

السبت، فبراير 18، 2012

الإسلام وعمارة الأرض







جمال الهمالي اللافي



أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{ خَلَقَ الإِنسَانَ , عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4)}- سورة الرحمن


رغم تراجع المسلمين عن الإسهام في صياغة الحضارة الإنسانية المعاصرة، إلاّ أن الإسلام كدين سماوي لا يزال يقدم نفسه- منذ بزوغ فجره على الإنسانية جمعاء- على أنه دين عبادة ومنهج حياة ، كتب انطلاقته الأولى مع بداية الخلق ونزول آدم أبو البشر عليه السلام إلى الأرض محملاً بجميع المعارف والعلوم التي تستوجبها قضية عمارة الأرض وإرساء دعائم العبودية لله الواحد القهار: 
{ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31)}- سورة البقرة.

وازداد تعمق وفهم البشرية ووعيها للكثير من الأمور المرتبطة ببيئتها عبر عدة مراحل من التطور التدريجي، الذي لم يكن من قبيل الصدفة التي نادى بها " داروين" عبر نظريته" النشوء والارتقاء"، كما أنها لم تكن مبنية على تراكم الخبرات البشرية- كما يشيع علماء الاجتماع في الغرب وتلامذتهم المتغرّبون-، وإنما هي نقلات نوعية حققتها البشرية من خلال سلسلة متواصلة من الرسل والأنبياء، الذين جاؤوا ليحققوا غايتين:
الأولى: وهي الأهم تصحيح الإختلال في عقيدة البشر والدعوة لتوحيد الخالق وأحقيته بالعبادة.
الثانية: استكمال مراحل عمارة الأرض، وبناء العلاقة المتوازنة بين الإنسان ومحيطه البيئي.

{ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ (61)}- سورة هود.

وسنسوق هنا بعضاً من هذه النقلات النوعية التي تمت على يد هؤلاء الأنبياء والرسل عليهم السلام- بدءا من آدم أبو البشر عليه السلام وانتهاء بخاتم الأنبياء محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم- من خلال ما ورد ذكره في الكتاب الحكيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه( القرآن الكريم)، ونلفت النظر هنا إلى أن هذه الأشياء لم يكن لها أصل أو وجود قبل أن يأتي بها هؤلاء الانبياء والرسل عليهم السلام:

1.     دفن الموتى/
{ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ(27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ(28) إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثـْـمِي وَإِثـْـمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ(29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ(30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ(31)}- سورة المائدة

2.     سفينة نوح/
{ وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ (37)}- سورة هود.

3.     بناء البيوت بالحجر/
{ إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين( 96 )}- سورة آل عمران.

4.     تأسيس علم نظم الإنشاءات في المباني/
{ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم( 127 )}- سورة البقرة.

5.     بناء القصور وصناعة الزجاج والغوص في البحار/
{ قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين( 44 )}- سورة النمل.

{ قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ( 35 ( فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ (37)}- سورة ص.

" أي أن صناعة البناء وصناعة الزجاج والغوص في البحار لاستخراج اللؤلؤ ليست اكتشاف إنساني بل هي من مهارات الجن التي تمّ توصيلها كخبرة للبشر بعد ذلك عن طريق نبي الله سليمان عليه السلام".

6.     تأثيث البيوت وبناء الحصون وصناعة الملابس/
{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (81) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (82) يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ (83)}- سورة النحل.

7.     صناعة الحديد/
{  وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10) أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (11)}- سورة سبأ.

{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25)}- سورة الحديد.

8.     الاقتصاد/
{ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55)}- سورة يوسف.

9.     صناعة السدود/
{ قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97)}- سورة الكهف.


الإسلام والعمران/
إدراك حقيقة أن رسالة الإسلام هي امتداد طبيعي لباقي الرسالات السماوية التي سبقته، ومكملة لها. كذلك الإقرار بإسهام الرسالات السماوية في إرساء دعائم الحضارة الإنسانية على وجه الأرض، سيقود إلى فهم وتبيان العلاقة بين الإسلام كرسالة سماوية وما أنتجته الحضارة الإنسانية في مجملها وما أنتجته في مجال العمران تحديداً، من خلال استعراض موقفين أعتقد أنهما يشكلان نقاط مرجعية لكل ما بعدهما من مواقف وأحداث في التاريخ الإسلامي:

الموقف الأول/ مرتبط بقصة سفّانة بنت حاتم الطائي حين مر عليها رسول صلى الله عليه وسلم وهي في السبي، فقامت إليه، وكانت امرأة ذات وقار وعقل، وقالت له:
« يا محمد أرأيت أن تخلي عنا، ولا تشمت بنا أحياء من العرب فإني ابنة سيد قومي، وإن أبي كان يحمي الذمار، ويفك العاني، ويشبع الجائع، ويكسو العاري، ويقري الضيف، ويطعم الطعام، ويفشي السلام، ولم يردّ طالب حاجة قط، أنا ابنة حاتم طيىء، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : يا جارية هذه صفة المؤمنين حقا، لو كان أبوك مسلما لترحمنا عليه، خلّوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق». ثمّ قال:" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق". (صححه الألباني في الصحيحة).

حديث شريف، يرسي منهجا في كيفية التعاطي مع الآخر المختلف عنّا والمغاير لنا في منهجه وعقيدته، كما يؤسس لكيفية احتوائه، وذلك باحترام ما يملكه من قيم لا تتعارض مع الإسلام في شئ.

أما الموقف الثاني/ فيتعلق بوصية الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه التي ألقاها في توديع جيش أسامة بن زيد رضي الله عنهما المتوجه إلى مؤتة للثأر لمقتل الصحابة على يد الروم، حيث قال:
(يا أيها الناس قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عني: لا تخونوا، ولا تَغُلُّوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً أو شيخاً كبيراً ولا امرأة، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له. وسوف تقدمون على قوم يأتونكم بآنية فيها ألوان الطعام فإذا أكلتم منها شيئا فاذكروا اسم اللّه عليها. وتلقون أقواما قد فحصوا أوساط رؤوسهم وتركوا حولها مثل العصائب فأخفقوهم بالسيف خفقاً. اندفعوا باسم اللّه).

ستة مبادئ استخلصها أول خليفة لرسول الله  صلى الله عليه وسلم، من حديث ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق):
1.  النهي عن الخيانة  والغدر لما فيهما من نقيصة وتضييع للأمانات بين الناس، وهدر لحقوق الآخرين، ونقض للمواثيق والعهود، وفقدان الثقة بين الناس.
2.     الابتعاد عن الغلو لما فيه من تكلف وتشديد على النفس، وتنفيرها من قبول الدعوة.
3.  عدم قطع النخيل أو حرقه أو قطع الأشجار المثمرة ( رفض سياسة الأرض المحروقة التي تعتمدها الجيوش الصهيونية والصليبية والماجوسية). وعدم ذبح المواشي والأبقار أو الإبل إلاّ لضرورة الأكل.
4.  عدم إفزاع الآمنين أو ترويعهم من العبّاد والناسكين المنقطعين للعبادة، ولا شأن لهم بالحروب . وعدم تبرير هدم دور العبادة المتعلقة بالأديان الأخرى (يشمل النهي اليهود والنصارى فقط) لأي سبب كان. (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256))- سورة البقرة.
5.  قبول ما عند الآخر من اختلاف لا يتعارض بالضرورة مع ما أحل الله من ألوان الطيبات( أكل، ملابس، فنون وعمارة، ثقافة، علم، سلوكيات وعادات، مكارم الأخلاق) ، وذكر اسم الله على كل شئ.
6.  التفكير يجب أن يتجه تحديدا لمقاتلة المحاربين الذين أعدوا عدة القتال للصد عن تبليغ دعوة  التوحيد، وإيصالها للناس أجمعين. والنهي عن التمثيل بالقتلى في المعارك، لما ينم عنه من قسوة في القلب وتشفي وانتقام لا مبرر له، يفسد الغاية الأسمى من هذه الفتوحات. كذلك عدم التعرض للأطفال والشيوخ والنساء، لأنهم غير قادرين على القتال وعاجزون عن الدفاع عن أنفسهم.

بفهم الصحابة، رضوان الله عليهم جميعا، لهذين الموقفين وأبعادهما الأخلاقية استنبطت جيوش الفاتحين من الصحابة والتابعين خطاباً حضارياً تأسس منهجه على مجموعة من المبادئ، التي شملت كل مناحي الحياة، يستمد منطلقه من كتاب الله وسنة نبيه، والذي تجسد في كلمة الصحابي الجليل ربعي بن عامر رضي الله عنه، لمّا دخل على ملك الروم: "إن الله بعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة" .وبه حملوا مشعل الحضارة إلى كافة أرجاء المعمورة:
  • خطابا ينبني على الصدق والوضوح وبساطة الطرح.
  • خطابا ينبني على الأمانة وحفظ العهود والمواثيق.
  • خطابا ينبني على الإنصاف ويستوعب الآخر برحمته وسماحته وعدله.
  • خطابا غير إقصائي ولا استعلائي، يقبل الآخر كما هو، ولا يملي عليه ما يجب أن يكونه.
  • خطابا يحترم معتقد الآخر ويستوعب ثقافته وقيمه ومنجزاته.
  • خطابا يقدم حلولا للمعضلات والإشكاليات التي تواجه البشرية جمعاء.
  • خطابا تفاعليا يقبل مثلما يعطي ويحترم تنوع التجارب والخبرات السابقة.
  • خطابا لا يتعارض مع السنن الكونية، بل يتواصل معها ويدعمها، ويعيد تسخيرها لما فيه خير البشرية.
  • خطاباً ينبنى على عمارة الأرض وليس السعي في خرابها، ويصون مقومات البيئة الطبيعية ولا يتعدى عليها، ويأخذ منها على قدر، بلا إفراط أو تفريط. كما ينبني على الاستعمار( من العمار) وليس الاستدمار( من الدمار).
  • خطابا منفتحا على كل مباهج وطيبات الحياة وألوانها ما لم يكن محرما بالضرورة لفساد منبته أو تحقيق ضرره على النفس والمجتمع.

ومن هذه المبادئ يمكن فهم الخطاب الحضاري الإسلامي من مسألة عمارة الأرض، فالمسلمون من خلال استيعابهم للسنن الكونية والخبرات الإنسانية المتعاقبة- التي هي نتاج رسالات سماوية سابقة- عند تعاطيهم مع البيئة الطبيعية واستيعابهم للحلول المختلفة، لم يكونوا  بحاجة لتفكيك أي نسيج من أنسجة المجتمعات التي دخلوها فاتحين، فلم يتعرضوا لا للنسيج الاجتماعي ولا الثقافي ولا العمراني ولا الاقتصادي ولا العقائدي( اليهود والنصارى) ولا النفسي بسوء.

فالرسالة الأولى الصادرة عن نبي الأمة تدعو للإتمام وليس للإحلال، وتدعو للتعاطي مع كل ما يمر بالمسلمين في مسيرتهم الحضارية من منطلق التغيير للأفضل وعلى قدر الحاجة، واستكمال النقص ومعالجة القصور. وهذا ما جعلهم يقدّرون ما وجدوا الناس عليه، فأبقوا على ما هو قائم ولا يحتاج للإصلاح وانصرفوا لإصلاح ما عجز الناس عن فهمه واستيعابه. كما أخذوا عنهم ما ينفعهم وتركوا ما يضرهم أو يتعارض مع نصوص الشريعة الإسلامية السمحاء. وبذلك عمل الإسلام من خلال معتنقيه كبوتقة احتضنت كل الخبرات السابقة وأعادت صياغتها في قوالب جديدة، ومن تمّ إعادة توظيفها بطرق شتى تتماشى مع متطلبات العصر وحاجات الإنسان المتجددة.

وهنا يكمن سر الحضارة الإسلامية التي توجت بميلادها، لمرحلة جديدة أخرجت الانسانية من دهاليز الظلام الذي خيم على الانسانية لعهود طويلة من الجهل وفتحت أمامهم آفاقا جديدة من الفهم والإدراك للكثير من العلوم والمعارف والمعاني وتركت لهم مجالات ينطلقون من خلالها نحو إبداع لم تسبقهم إليه أي حضارة أخرى، مهّد الطريق لعصر النهضة العلمية والصناعية والمعلوماتية في العالم الذي دخلته الفتوحات الإسلامية ومنه إلى أوربا والعالم الجديد.

لم يجعل الله سبحانه وتعالى عملية التطور الحضاري للإنسانية عبر إلهامه للبشر عن طرق الوحي للعقل، بل جعل ذلك يتم عبر الوحي لأنبيائه، فهم من علّم البشر ما يساعدهم على تحسين ظروف معيشتهم  على وجه الأرض، وذلك لأمرين:
أولهما: ليعرف البشر فضل الله عليهم وحاجتهم إليه، فيخلصوا له العبادة وحده.
وثانيها: لعلمه المسبق أن هناك من بني البشر من سيأتي يوماً لينسب الفضل في تطور الإنسانية إلى جهد عقل الإنسان وحده، وينسب بذلك الفضل لغير أهله، فيضل من ورائهم عبادا وتنحرف عقيدتهم من وراء مثل هذه التخاريف والمزاعم.

{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ( 3 )}- سورة المائدة

وبالتالي فإن الدعوات التي تقول بأن الإبداع الإنساني منفصل عن الإسلام كدين وبالتالي تضع الدين في مواجهة العلم، تارة كمتعارض معه، ومناهض له وسداً منيعاً أمام انطلاقته ( كما نادت بذلك النظرية الإلحادية الشيوعية على لسان منظرها ماركس في مقولته المعروفة: الدين أفيون الشعوب)، أو تجعله في موضع العاجز عن مجاراته أو مواكبته تارة أخرى. وهذه مغالطة كبيرة للحقيقة البيّنة، يراد بها من- أدعياء البحث العلمي المنهجي- المبني على قلب الحقائق ونسبة الفضل لغير أهله.

وهذا حال من قال ويقول، إنما أوتيته على علم من عندي، ومصيره كمصير سابقيه من أمثال قارون:
" إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين(77) قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80) فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ (81)"،  سورة القصص.


المواضيع الأكثر مشاهدة

بحث هذه المدونة الإلكترونية