أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17

الاثنين، مارس 31، 2014

تأملات في المعمار



استغرب زائري، عندما وجد أني أعمل لوحدي في مكتبي، الذي لا يزيد عن 4 أمتار × 4 أمتار. وقال لي وعلامات الاستنكار بادية على محياه وعيناه تجول في المكان مستصغراً حجمه: كيف تطالب بهذا المبلغ ثمنا لخريطة منزل؟

فقلت له: أنت هنا في محل لصياغة الجواهر. وهي تأخذ من وقتي الكثير. ولا يمكن لغيري أن يؤديها عني. فإن كنت تبحث عن مصنع لأكياس النايلون يعج بالعمال والآلات الضخمة، فيمكنك أن تجد منه الكثير على ناصية الشوارع. وستجد عندهم دائما بضاعة جاهزة للبيع، لم تأخذ منهم وقتا طويلا في انتاجها. وهي بلا شك رخيصة جداً.

السبت، مارس 29، 2014

أهمية إدارة التراث الثقافي اللامادي والاستثمار البشري بغدامس



الواقع والطموح


أ . نورالدين مصطفى الثني*

المقدمة :
إن مسألة الحفاظ على التراث مسألة ذات أهمية كبيرة تأخذ في دلالاتها المختلفة بعدين أساسيين هما:
الأول: الدفاع عن الحق الثقافي والمتجسد في الهوية في المستقبل. 
وثانيهما: الإيمان بأن المستقبل ليس هو إلا استئناف لماض مجيد.

فما هو التراث ؟ وما هي صور التراث اللامادي الذي تحتشد فيه اللغة والرموز والإيحاء والصور والحقيقية. وكيف السبيل للحفاظ عليه وترسيخه كبنية أساسية للانطلاق نحو مستقبل أكثر إشراقاً؟ وما هي العوائق الداخلية والخارجية التي تهدده ؟

لزاما مني أن أتقدم بالشكر الجزيل للأخوة باللجنة العلمية والتحضيرية لهذه الورشة التي كنا بشوق لها خاصة وإنها تجمع الخبرات المحلية والوطنية والعالمية من أجل استدامة تراثنا الليبي الذي نعتز به جميعا وأمل الجميع أن نرى توصياتها مطبقة على ارض الواقع.

وقبل الولوج في هذه الدراسة المتواضعة مهم جدا أن استعرض باختصار الدوافع التي شجعتني لتقديم هذا العنوان والتي تتمثل في:
الأول: فكان منذ عام مضي حين كلفني " أمين اللجنة الإدارية بجهاز تنمية وتطوير مدينة غدامس" بإلقاء محاضرة على فريق من منظمة اليونسكو أثناء زيارته لغدامس فقد اطلعت من مكتبته العامرة على كتابا هاما استعنت به في إعداد المحاضرة ما دفعني لفهم أكثر ومعرفة أوسع للتراث اللامادي .

أما الثاني: وهو الذي اتفق عليه الجميع والذي انصب في الرغبة الملحة للحفاظ على تراثنا الذي نراه يضيع يوما بعد يوم مع ما نشهده من انقطاع وتبدل الحال وصراع التجديد والمحافظة، خاصة وأن غدامس تعد مدرسة حضارية على مستوي عالي ومتقدم بشهادة المنظمات الدولية والعالمية المهتمة بالتراث.
1ـ التعريف بالتراث الثقافي اللامادي:
يعد التراث اللامادي جزءاً من التراث الثقافي الذي ينقسم إلى أربع أنواع رئيسية حسب تصنيف المنظمة الدولية للثقافة والعلوم unesco التي تعد اكبر منظمة دولية تعني بالثقافة وتعمل على صون التراث الإنساني حيث ما كان، والجدير ذكره أن مدينة غدامس سجلت كإرث ثقافي عالمي عام 1986 كما تحصلت على شهادة اعتراف منظمة مدن التراث العالمي 1999 .

وبما أن هذا البحث سيركز على التراث اللامادي فكان لزاما توضيح التعريف الذي اتفقت عليه المنظمة الدولية الوارد في اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي المنعقدة يوم 29 سبتمبر إلى 17اكتوبرمن عام 2003 بمدينة باريس وهو: (الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات ـ وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية ـ التي تعتبرها الجماعات والمجموعات وأحيانا الأفراد، جزءا من تراثهم الثقافي ، وهذا التراث الثقافي غير المادي تبدعه الجماعات والمجموعات من جديد بصورة مستمرة بما يتفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها ، وهو ينمي لديها الإحساس بهويتها والشعور باستمراريتها ويعزز من تم احترام التنوع الثقافي والقدرة الإبداعية البشرية ) .

2ـ مفهوم التنمية البشرية في مجال التراث الثقافي اللامادي :
1ـ 2 التنمية البشرية: فرض مصطلح التنمية البشرية نفسه في الخطاب الاقتصادي والسياسي على مستوى العالم بأسره وخاصة منذ التسعينيات من القرن المنصرم ، كما لعب البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة undp وتقاريره السنوية عن التنمية البشرية دورا بارزا في نشر وترسيخ هذا المصطلح.
إن مصطلح التنمية البشرية يؤكد على أن الإنسان هو أداة وغاية التنمية حيث تعتبر التنمية البشرية النمو الاقتصادي وسيلة لضمان الرفاه للسكان، وما التنمية البشرية إلا عملية تنمية وتوسع للخيارات المتاحة أمام الإنسان باعتباره جوهر عملية التنمية ذاتها.

أي أنها تنمية الناس بالناس وللناس
في العقد الأخير من القرن الماضي تنامي الوعي بقيمة الإنسان هدفاً ووسيلة في منظومة التنمية الشاملة، وبناء على ذلك كثرت الدراسات والبحوث والمؤتمرات وورش العمل والتي تعد هذه إحداها حيث عقدت لتحديد مفهوم التنمية البشرية وتحليل مكوناتها وأبعادها، كإشباع الحاجات الأساسية، والتنمية الاجتماعية، وتكوين رأس المال البشري، أو رفع مستوى المعيشة أو تحسين توعية الحياة وتوظيف الإمكانيات المتاحة.
فتستند قيمة الإنسان في ذاته وبذاته إلى منطلقات قررها الدين والتي تنص على كرامة الإنسان والذي جعله الله خليفة في أرضه ليعمرها بالخير والصلاح وبذلك ترسخ الاقتناع بأن المحور الرئيس في عملية التنمية هو الإنسان حيث قال تعالى:
" قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب".
" يرفع الله الذين أمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير".

لذلك نحن نحتاج إلى ما يسمى بإجمالي التنمية البشرية من حيث انطلاقها إلى آفاق أرحب لتستوعب أبعاد الثقافة التراثية لاستشراف المستقبل و تنعكس ككفاءة في التنظيم والإدارة وكفاءة الفرد والمجتمع.
وذلك بتوظيف التراث الفكري المادي واللامادي في الحياة اليومية للمجتمع وإعادة الثقة لحكمة الأعراف والعادات المحلية وعدم النظر إليها بالمتخلفة وغير عصرية.

ومن ما يعجب له في غدامس عدم وجود مؤسسات علمية كما هو في باقي أنحاء الجماهيرية من كليات ومعاهد عليا رغم حاجتنا الماسة لها من اجل التكوين البشري فالملاحظ أن الاهتمام منصب على الحجر قبل البشر.

2 ـ 2 أبعاد التنمية البشرية:
يمكن القول بأن للتنمية البشرية بعدين :أولهما يهتم بمستوى النمو الإنساني في مختلف مراحل الحياة لتنمية قدرات الإنسان، طاقاته البدنية، العقلية، النفسية، الاجتماعية، المهارية، الروحية وقد تم الاهتمام بهذا البعد في تراثنا بغدامس من خلال العادات التي تمارس والتي تنصب في االعناية الكبيرة بالجنين منذ مراحل تكوينه الأولى حتى يعد الرجل للسفرة الأولى والفتاة لقدرتها على التدبير المنزلي وهي سلوكيات تغرس في الأجيال حيث يكون صمام الأمان هو الّذنب والعار .

أما البعد الثاني فهو أن التنمية البشرية عملية تتصل باستثمار الموارد والمدخلات والأنشطة الاقتصادية التي تولد الثروة والإنتاج لتنمية القدرات البشرية عن طريق الاهتمام بتطوير الهياكل والبنى المؤسسية التي تتيح المشاركة والانتفاع بمختلف القدرات لدى كل الناس فالشاهد على ذلك يتمثل في الاهتمام بدور العبادة والمزارع والمجالس ووظائف المنزل والممرات العلوية للنساء بالإضافة إلى المثال العبقري المتمثل في توظيف عين الفرس ناهيك عن القدرة العجيبة في الوصول إلى المراكز التجارية الكبرى المحيطة بالمدينة وكذلك المراكز العربية والأفريقية.

3 ـ 2 خطوات التنمية البشرية:
فالتنمية البشرية هي السبيل للتنمية والتقدم بخطوات واثقة مدروسة نحو تحديد وتحقيق الأهداف النبيلة.
قال تعالى " إني جاعلٌ في الأرض خليفة " ولا يمكن أن نكون خليفة الله على الأرض إلا بعد تهذيب هذه العناصر.

3 ـ 2 ـ1 ـ تنمية الجانب الإيماني والروحاني:
فقد ركز عليه مؤسسي مدينة غدامس التقليدية فأوجدوا 72 مؤسسة دينية من جوامع ومساجد ومدارس قرآنية وزوايا طرق صوفية ومصليات عدا ما تم وقفه لهذه المؤسسات بالإضافة إلى الاهتمام الكبير بتدارس العلوم الشرعية والذليل على ذلك الحجم الكبير من المخطوطات التي توجد بالمكتبات العامة والخاصة.

3 ـ 2 ـ 2 ـ تنمية الجانب الصحي والبدني
الناظر المدقق لعمارة غدامس يلاحظ اهتمام السكان بالجانب الصحي المتمثل في إمرار المياه على الجوامع والأحياء والتصميم الدقيق للمنزل الغدامسي والشوارع بحيث يتوفر الهواء والضوء كذلك توجد الكثير من العادات المتعلقة بالصحة الغذائية والبدنية وقد اورد منها الكثير الأستاذ الطاهر الصادق عكي في محاضرة القاها بمدينة غدامس عام 2009 .

3 ـ 2 ـ 3 ـ تنمية الجانب الشخصي:
إن ما لفت نظر الكثير من الزوار والمحتكين بسكان غدامس خارج المدينة الشخصية الغدامسية وقد نوه إلى ذلك الكثير من الرحالة والكتاب ولاحظ ذلك أبناء غدامس أثناء احتكاكهم بالآخرين وطريقة تعاملهم المتميزة وخير ما يقرأ في هذا ما كتبه الأستاذ الفاضل المهدي كاجيجي وكان بعنوان غدامس سماحة الأهل وحسن الدار فالدعوة ملحة للبحث في السبل الكفيلة لضمان استمرار وتوريث هذه السلوكيات للأجيال اللاحقة.

3 ـ 2 ـ 4 ـ تنمية الجانب الأسري:
إن تاريخ السلوك الاجتماعي لمدينة غدامس لم يحض باهتمام الدارسين ونمط الحياة للأسرة في غدامس موضوع هام يستحق التركيز والدراسة لما فيه من قدرة عجيبة في توزيع الادوار على أفرادها في تدبير شؤونها من اقتصاد وتعليم وصحة حيث يبدءا الرجل في تكوين أسرته في البحث عن المأوى السكن إما بالبناء أو التأجير وما يثير الباحث بغدامس انه لا توجد ما يسمى بالأسرة المركبة بحيث أن الزوج والزوجة يستقلون في حياتهم في حياة منفصلة منذ بداية تكوين أسرتهم وهي مرحلة حضارية في التمدن .

3 ـ 2 ـ 5 ـ تنمية الجانب الاجتماعي:
حثت التعاليم الدينية على حق الجار بكيفية تخلق تماسكاً اجتماعياً للمحلة الواحدة ، فالاحترام والعطف والكرم من المبادئ الرئيسة لهذا التماسك ، قال تعالى: " وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ ا للّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا " ، فالأمان من الحقوق الرئيسة للجار، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قالوا وما ذاك يا رسول الله قال جار لا يأمن جاره بوائقه قيل وما بوائقه قال شره ".

إن تلك المحدودات السلوكية ، تضمن التفاعل الاجتماعي الصحيح للجيرة ، بحيث تصبح المحلة السكنية ، كبيت كبير يتكون من عدة عائلات ، هذه الخصوصية للمحلة تمثل نواة لتوحيد الإله ، حيث تجمع الممارسات الدينية أفراد المحلة ضمن إطار واحد ، تقارب النفوس نتيجة للتغذية الروحية الواحدة ، وتتلاشى المشاحنات والاختلافات نتيجة التلاقي ضمن إطار المحلة الواحدة . فالالتقاء يعتبر الجزء المرن من العلاقات الاجتماعية حيث يستوعب الانحرافات السلوكية للأفراد ، ويحاول تصحيحها ضمن الإطار الإلهي ، قال تعالى : " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ".

ضمن تلك المحددات السلوكية ، تصبح للمحلة خصوصية ، تمثل بموجبها نواة لتوحيد الأمة ، فظهر فضاء الخطة ، كاستجابة سلوكية للالتقاء ، وقد تجسد ذلك في وجود محلتين في المدينة ، وسبع متجاورات ضمنت التآلف الاجتماعي والتعاون في كثير من الأمور وأهمها التربية العامة وإرساء قواعد اخلاقية صحيحة من خلال العادات والتقاليد التي يمارسها كافة افراد المجتمع.

3 ـ 2 ـ 6ـ تنمية الجانب المهني:
كانت التجارة من العوامل الهامة التي أدت إلى نشأة المدن ، واعتبرت من المعايير التي تميزها، ومن هنا برز أهمية اختيار موقع المدينة موضوع الدراسة على الطرق الرئيسة، وتوسط هذا الموقع ليقرب من أطراف التبادل الأخرى، فينعكس ذلك على اقتصادها رخاء وثراء.

لقد ظلت مدينة غدامس حتى نهاية القرن التاسع عشر تقوم بدور هام في تاريخ الصحراء الكبرى، فقد كانت إحدى المنافذ التي عبرت من خلالها حضارة البحر المتوسط والحضارة الإسلامية إلى غرب أفريقيا، وكان الأساس الأول والمباشر لهذا الاتصال هو التجارة فقد كان التجار الغدامسيون ينتشرون بقوافلهم في المراكز التجارية المهمة في كل من طرابلس وتونس ومرزق وغات ومدن بلاد السودانيين الأوسط والغربي وبفضل هذا لنشاط التجاري ، أصبحت غدامس مركزا هاما تجاريا واستراتيجيا وأصبحت بالتالي مجالا يسعى دايات تونس لمد سيطرتهم عليها.

ولعل السبب في ذلك الازدهار أن غدامس ظلت " منذ عهد الفينيقيين محطة عبور وسوقا صحراوية ونقطة لتنظيم المعاملات التجارية بين موانئ الشمال والعديد من المناطق جنوبي حزام الصحراء إذ كان تجارها الميسورون يمثلون بجانب معاملاتهم التجارية الخاصة ، حلقة وصل وتنظيم لإعداد القوافل وإشراف ممثليهم على سلامتها وتوجيهها وتدبير شؤونها من استيراد وإعادة تصدير من كلا الاتجاهين.
ولما كانت غدامس مشتهرة بغناها المفرط فقد كان الغدامسيون التجار يكيلون الذهب كيلا لا وزنا لأن تجارتهم تقدمت كثيرا بأفريقيا بصورة لا يصدقها العقل وقوافلهم لا تكاد تستريح طوال فصول السنة فمن طرابلس أو تونس إلى غدامس تستبدل الجمال بأخرى حتى لا يلحقها التعب ، ومن غدامس إلى غات تستبدل أيضا ، وهكذا حتى أن منهم من قضى أربعين سنة مسافرا في الصحراء حتى وصل بعضهم إلى الكنغو".

بالإضافة لمهارة تجار غدامس في تكوين الثروات من خلال الاتصال التجاري ، استطاع الغدامسيون بحكم موقعهم البعيد عن مراكز السلطة المتعاقبة على طرابلس وتونس أن يحافظوا على استقلالها الإداري والسياسي على الأقل حتى قيام الدولة الحفصية، وكل ما يتوفر لدينا من المصادر يؤكد ذلك ، وهذا ساهم أيضا في نمو المدينة عمرانيا وجعلها منطقة جذب للتجار.

ولقد كانت " غدامس تتمتع بشيء من الاستقلال ، ولا تدفع إتاوات إلى أي جهة كانت قبل مجيء الحفصيين ، إلا أن أول من فرض قطيعا معلوما مقداره أربعمائة مثقال على غدامس ودرج هو أبو فارس عبد العزيز( 1394ـ 1492 م) ( 796 ـ 837 هـ ) ومنذ ذلك الحين بدأ الغدامسيون في دفع الإتاوات القطيع إلى السلطات الحفصية ، ثم من بعدهم إلى الأتراك بنفس المقدار ، إلا أنهم كانوا دائما يتطلعون إلى الاستقلال ، ويمتنعون في بعض الأحيان عن دفع الإتاوة".

ولاشك أن إثقال كاهل الأهالي بالضرائب جعل السكان في مستوى معيشي لا يمكن به تطوير المدينة معماريا، وكثيرا ما دفع ذلك بعض الأهالي إلى الهجرة خارج المدينة ، وخاصة بعد انحسار تجارة القوافل، مما أثر على المدينة ديموغرافيا وبالتالي معماريا وازدادت الحالة سوءًٍٍ مع بداية الأطماع الاستعمارية واحتلال الجزائر وتونس واستبدال الطرق التجارية العالمية الرابطة بإفريقيا نحو المحيط .

ولاشك أن الاستقرار الذي شهدته المدينة نجم عنه تكون مجالات اقتصادية خدمية أخري مثل الزراعة رغم محدوديتها واعتمادها على بساتين النخيل وما يزرع تحتها من حبوب وبعض الخضروات من اجل الاكتفاء المحلي، أما الصناعة فقد اعتمدت على بعض المصنوعات الجلدية ومشتقات النخيل والصناعات الصوفية وصياغة الذهب والفضة والصناعات الحديدية.

لذلك بات ملحا على المخطط أن يجد بدائل عصرية يمكن أن تؤمن مهن يقتات منها السكان وتكون مصدرا مهما لحياتهم فالسياحة بمفهومها العام يمكن أن تكون البديل ولكن لازالت تحتاج منا إلى ضمانات إدارية وسياسية وتكوين بشري وبنية تحتية تؤمن ذلك .

كما أن استعادة الوظيفة القديمة وهي الوظيفة التجارية وخاصة تجارة العبور وذلك بإنشاء مطار عبور من أوربا إلى أفريقيا قد يؤدي إلى تطوير الوضع المهني وبالتالي الاقتصادي للمدينة.

4 ـ التجارب الدولية في صون التراث الثقافي اللامادي:
إن صيانة التراث اللامادي باتت حاجة ماسة وضرورية من اجل التأكيد على هوية الشعوب في ظل المساعي العالمية من اجل العولمة وإلغاء الآخر وخاصة أن الشعوب والمجتمعات والدول التي يطلق عليها نامية لها مخزون ثقافي وفكري وتراث يعد مفخرة تلك الشعوب والأمم.

ولسنا في حاجة إلى القول أن مجتمعنا العربي قد وصل إلى آخر حدود البؤس والكآبة والظلام الممتد إلى ما لانهاية. والمستقبل ـ حسب أكثر القراءات تفاؤلاً ـ لا ينبئ إلا بما هو أكثر عبثية و كارثية ، ولا ثمة ضوء في الأفق إلا بالعودة إلى تراثنا الذي أشع في زمن كانت الشعوب الأخرى بحاجة إليه ولا يزال قادر لو تمسكنا بأصوله ومصادره.

إن الكثير من المستشرقين الذين قدموا الى غدامس دونوا بشكل أو بآخر هذا التراث الحضاري والثقافي ، إلا أن الجزء الآخر والمكمل لهذا التراث والذي يعتبره بعضهم الأهم هو التراث الحضاري اللامادي، والذي يتمحور في عدة مجالات أهمها: ‏
الفلكلور الشعبي، الموسيقا، القصص والأساطير، الأمثال الشعبية، حتى النكتة أو الفكاهة يمكن اعتبارها جزءاً من هذا التراث، هذه الثروات الوطنية هي ثروات مقدّسة، لأنها تعبّر بشكل أو بآخر عن تراث لمجموعة من المجتمعات عاشت في فترة زمنية معينة، وأسهمت في الحضارة البشرية ولكن للأسف فإن هذا التراث قد فقد أهميته.

كثيرا من دعاة التغريب يقولون: لماذا نزعج أنفسنا بحكايا تقليدية عفا عليها الزمن أو موسيقا يتم التعبير عنها بآلات لا تستخدم حديثاً، ونحن الآن في عصر التقنية والعولمة!! لنقف برهة مع أنفسنا ولنغمض أعيننا سنجد أن روح هذه المجتمعات تكمن في تراثها الحضاري والثقافي اللامادي، فإذاً يبدو مطلب المحافظة على تراث كهذا مطلباً إنسانياً، وكل مجتمع لا يحافظ على ثروته هذه، فإنه يظلم نفسه، ويظلم أجياله القادمة التي تبحث في كثير من الأحيان في عصرنا الحاضر عن هوية. إن المقومات الحضارية والثقافية التي تكمن في التراث اللامادي هي بمنزلة الروح الناطقة التي تمرّ عبر الأجيال. إن المجتمع بتراثه الثقافي، يكمن ببساطة في كلمة واحدة هي "الحياة ".

ومن بارقة الأمل أن هناك من عمل على تدوين جزئيات من تراثنا اللامادي فمثلا د عبد الرحمن يدر له اطروحة علمية باللغة الأنجليزية عنوانها, The Oral Literatur Associated With The Traditional A Wedding Ceremony Ghadames كما قام الباحث العصامي بشير قاسم يوشع بكتابة العديد من الكتب والمقالات التي تندرج ضمن هذا العلم وكذلك الشيخ احمد عزالدين له كتابا رغم صغر حجمه إلا انه مفيد جدا للباحث في التراث الغدامسي وآخر ما صدر كان للمرحوم احمد ضوي حيث زود كتابه بعدد من الملاحق التي تعد مرجعا هاما لمن يروم معرفة أصول التراث الغدامسي من كلمات ومسميات كما أن الجهد الذي بدلته لجنة التراث بجهاز تنمية وتطوير مدينة غدامس برئاسة محمد سعيد الحشائشي في تجميع الحان وكلمات الأغاني بغدامس عملا مقدرا يستحق الإكبار والتقدير.

      فإذا وجدت أمثال هذه الشريحة من الشباب الواعد من يدعمها مادياً ومعنوياً فإنها ستهتم بهذا المنجز وتسعى إلى تطويره أيضاً، وأرى أن هناك إشكالية كبيرة في الحفاظ على هذا التراث ، وهو أن عدداً من الآباء، والأجداد قد رحلوا دون أن يطلعوا أبناءهم أو أحفادهم على ما حفظوه أو تعلّموه من التراث، بالإضافة إلى التدفق الغربي الذي هجم وبشراسة على المنطقة، وأثّر بشكل كبير وتلقائي على الأجيال، فإذا لم تستوعب الجهات كافة الرسمية والشعبية ، أهمية امتلاك هذا التراث وخصوصيته فسيأتي يوم يعلم فيه أبناءنا أن أجدادنا تركوا لنا الكثير ولكن آباءهم أهملوه.

فهل يا ترى سيقف أولئك كما نقف نحن لآبائنا تقديرا واحتراما ؟

فحتى نستشرف المستقبل المضيء فأعلم أن صور الحفاظ على هذا المنجز الحضاري تمرّ بمراحل عدّة أو لها مستويات عديدة، المستوى الأول: يمكن أن يُسمى المستوى الرسمي، وهو وعي المؤسسات الرسمية بأن لديها تراثاً حضارياً يمكن أن يضيف للبشرية شيئاً جديداً، وإنجازاً حضارياً ما.

ودور المؤسسات الرسمية المعنية يكمن في التالي:
1ـ توفير الأجواء العلمية المناسبة لدراسة وإبراز التراث الثقافي اللامادي وهناك تجارب عربية ومنها الجماهيرية بعقد ورش عمل متخصصة في التراث اللامادي كما فعلت الحلقة الدراسية الإقليمية حول وسائل المحافظة على التراث الثقافي غير المادي (الفنون الشعبية) في الدول العربية، التي نظمتها جمعية الدعوة الإسلامية العالمية، والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "الإيسيسكو"، بالتعاون مع اللجنة الوطنية الليبية للتربية والثقافة والعلوم، والمركز الوطني للمأثورات الشعبية ومدرسة الفنون والصنائع الإسلامية بطرابلس في يوم 27 اكتوبر 2009م. كما آن في سوريا وفي يوم 20 /1 /2010 قامت مديرية التراث الشعبي في وزارة الثقافة بالتعاون مع منظمة اليونيسكو والمفوضية الأوروبية في مكتبة الأسد بدمشق ورشة عمل حول التراث الشعبي اللامادي في بلدان البحر الأبيض المتوسط بحضور عدد من الباحثين والمهتمين والإمارات العربية التي عقدت الملتقى الإقليمي الأول للمنطقة العربية بأبوظبي حول قضايا صون التراث غير المادي وإعداد قوائم الحصر، والذي دعا الدول العربية إلى إنشاء مؤسسات متعددة الاختصاصات تعنى بصون التراث الثقافي غير المادي، وإرساء آلية عمل قانونية وإدارية ومالية في الإدارات المركزية واللامركزية، بهدف تطوير إعداد قوائم الجرد.

     ونحن بغدامس في احضان دولة نتأمل منها أن تعمل على غرس الهوية الوطنية وتأكيد التراث المحلي والوطني علينا دعوة كبار المتخصصين في المجال للاستشارة والاستفادة من خبراتهم والعمل على إرسال أبنائنا للحصول على فرص الدراسة وتلقي العلوم المتطورة التي تخدم التراث بالدول المتقدمة والتي لها تجربة واسعة في المجال.

2 ـ العمل على نشر التراث بكافة الوسائل منها المقروءة والمرئية والمسموعة وتشجيع الكتاب والباحثين والدارسين بطباعه مؤلفاتهم وكانت لي تجربة شخصية في هذا المجال بحيث استلمت مؤسسة معنية بالتراث الغدامسي عملا لي يحتوي على هيئة كتاب منذ أكثر من عام ولم ير النور حتى الساعة.

     وهناك العديد من التجارب العربية في هذا الخصوص إلا أنني أود أن أشير إلى كتابا بعنوان "التراث الثقافي غير المادي للبشرية" تناول المأثورات المدرجة على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية عام 2008 لعدد 69 دولة من مختلف أنحاء العالم شملت قائمة من 90 مثالا بارزا من التراث غير المادي المتنوع. ومن ضمن ما شملته قائمة الأعمال التراثية غير المادية التسعين التي احتواها الكتاب العديد من الأعمال العربية، وهي المقام العراقي والحيز الثقافي لبدو البتراء ووادي روم والفضاء الثقافي لساحة جامع الفنا بالمغرب والحكاية الفلسطينية والغناء الصنعاني اليمني واهليل غرارة الجزائري وملحمة السيرة الهلالية بمصر.

     كما شملت الأعمال التراثية المدونه بالكتاب أعمال دول أخرى مثل الأصوات المتعددة المتساوية العشبية في البانيا واهليل غرارة الجزائري والدودوك وموسيقاه النمساوي والمقام الاذربيجاني وأغاني البوول ببنغلاديش وكرنفال بينش البلجيكي وتطواف العمالقة والتنانين في بلجيكا وفرنسا ولغة ورقص وموسيقى الغاريفونا بليز وغواتيمالا وهندوراس ونيكاراغوا والتراث الشفهي جيليده ببنين ونيجيريا وتوغو ورقص الاقنعة لطبول دراميتسي ببوتان وكرنفال اورورو ببوليفيا وسامبا دي رودا بالبرازيل والأصوات المتعددة والرقصات والممارسات والطقوس القديمة لمنطقة شوبلوك ببلغاريا والبالية الملكي بكمبوديا وأغاني الأصوات المتعددة لأقزام اكا بأفريقيا الوسطى.

3 ـ سن القوانين التي تعمل على دفع التراث اللامادي للتعامل به في الحياة اليومية كأستخدام الصناعات التقليدية في المطاعم والمقاهي والفنادق .

4 ـ العمل على اعتماد التراث الثقافي اللامادي بغدامس باللجنة الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي بمنظمة اليونسكو كما فعلت الدول التالية:
1 ـ بيلاروسيا "الطقوس المقدسة في أعياد الميلاد للسكان الأصليين" .
2 ـ الصين "تقنيات التصاميم التقليدية للمباني الخشبية" و"تقنيات الحياكة والتطريز التقليدي" و"احتفالية رأس السنة الصينية".
3 ـ فرنسا "التراث الغنائي لـ (كورسيكا)".
4 ـ كينيا "العادات والمعارف المرتبطة بـ (الكايا) في غابات ماجيكندا المقدسة".
5 ـ جمهورية مالي "(سانكي مون) ـ تقنية الصيد الجماعي" بمدينة سان في ولاية سانكي.

من هنا تأتي ضرورة مشاركة هذه الدول في التجمعات الدولية، لا أن نقف وحدنا للمحافظة على منجزنا الحضاري، لأن ذلك سيؤدي الى طمس هذا المنجز في ظل التيار القوي المعولم الذي يجتاح المنطقة، فبتكاتف الدول العربية والإسلامية في السفارتين الآسيوية والأفريقية، بالإضافة إلى دول أميركا اللاتينية يمكن أن تقدم نفسها للعالم برؤية مختلفة تماماً عما هي عليه الآن.

المستوى الثاني: هو الوعي الشعبي، أن نعي كأفراد، وكنسق في هذا النسيج المجتمعي بأن لدينا مقومات حضارية، يمكن أن نستفيد منها لبناء مستقبل له خصوصية تميزه عن غيره من الشعوب. ويمكننا الإشارة إلى أهمية هذا المستوى الذي تمثله شريحة واسعة بسيطة، غير معنية إلى حدّ كبير بأمور السياسية والاقتصاد، وإن ما يعنيها لقمة يومها، فإذا شعرت هذه الشريحة بأن ما تملكه من تراث موسيقي تردده في المناسبات، أو ما تقصّه من حكايا شفهية، يمكن أن يتم تدوينه مقابل مبلغ مادي، فإنها ستسارع بالتأكيد للتعاون مع المؤسسات المعنية بالأمر، فالمطلوب من المستوى الرسمي إدخال هذا المنجز الحضاري والإنساني في المسارات التعليمية المختلفة، سواء كانت مدارس أو جامعات، كليات فنية وما احوجنا في غدامس كمدينة تراث عالمي لمثل هذه المؤسسات وما الى ذلك ودعم العناصر المتخصصة والعمل على تشجيعها من اجل صون التراث فقد يعمل شخصا مقتنعا بما يعمل أكثر من مؤسسة لا تفقه دورها المنوط إليها .

5 ـ حجم التراث الثقافي اللامادي بغدامس وتحديات التوظيف:
     لاشك بعد ان تعرفنا على التراث الثقافي اللامادي جالت بين ادهان القاري ء حجم التراث الذي تكتنزه مدينة غدامس خصوصا عن كان من ابنائها ومن الذين عاشو ردحا من الزمن بالمدينة القديمة وتماشيا مع التعريف المعتم عند منظمة اليونسكو للتراث اللامادي سأحول ان استعرض بعض التراث اللامادي بغدامس .

1 ـ5 الممارسات:
      لقد عاش ابناء غدامس داخل مدينتهم يمارسون حياتهم اليومية بشكل حضاري متميز وتلك الممارسات هي " نتاج لرحلة حياة طويلة مرت على المكان تكونت عبرها شخصية القاطن فيه " لذلك لو أعدت دراسة معمقة لسلوكيات أهل غدامس في مدينتهم التقليدية لوجب تسجيل كل ممارسة على حدة ضمن التراث الثقافي اللامادي خاصة وان الموروث الإجتماعي والثقافي يمارس في غدامس بانضباطية لاحدود لها كما ان ممارسات المهنة الرئيسية التي عرف بها الغدامسي وهي التجارة مادة خصبة للبحث وذلك اذا علمنا أن ماتركه أولائك من مراسلات تجارية مع الشمال والجنوب والشرق والغرب تصل على عشرات الآلاف .

2 ـ5 التصورات:
     إن الذاكرة الشعبية لازالت ملئ بالقصص والأساطير التي تستحق منا وقفات ووقفات وقد بذل في ذلك جهدا معتبرا من بعض الباحثين منهم الفرنس موتلنسكي الذي حاول ان يجمع عددا كبيرا من القصص الغدامسية وكذلك بشير قاسم يوشع الذي كتب العديد من المقالات حول الكثير من التراث اللامادي وحفظ لنا مادة لايستهان بها من تراثنا وللأسف الكثير من مثقفينا وشبابنا اليوم لايعرفون حقيقة ذلك الباحث العصامي ، فتناول في بحوثه المطبخ الغدامسي والألعاب الشعبية وقصص العجائز والكلمات والعادات التي تربطنا بالقارة الأفريقية التي تعد غدامس بوابة ليبيا إليها منذ غابر الأزمان .

3ـ5 أشكال التعبير:
      الزائر لمدينة غدامس يشعر أن هذه المدينة جزء من ثقافته ويكمن سر ذلك في قدرة السكان قديما على الاتصال واكتساب الخبرات والتأقلم مع الثقافات والدارس للغة المستخدمة في غدامس سيكتشف التركيبة اللغوية العجيبة التي تحتويها فهناك كلمات امازيغية (عروبية ) وكلمات عربية قصيحة مثل تمانحت (المناح ) وكلمات افريقية مثل باكي نزاكي غطاء الرأس يستخدمه الأطفال وكلمات تركية مثل الكازيطة (الصحيفة ) وغيرها الكثير لايتسع البحث لسردها جميعا.

4 ـ5 المعارف والمهارات:
     لقد اكتسب سكان غدامس معارف ومهارات بحكم التجربة تعد حديثا اكتشافات ينال مكتشفيها براءات اختراع ومثال ذلك تطبيقهم لنظرية الضغط الأسموزي في معالجة السنور ( جدوع النخيل ) وكذلك استغلال الفراغات في البيت واستخدام الرماد في امتصاص غاز النشادر وكذلك قدرتهم العجيبة في استخدام الأرقام الخاصة بهم وكذلك نظام دقيق في نوزيع مياه عين الفرس واستخدام وحدات قياس خاصة مع ايجاد رموز خاصة بها وكتابتها على رق الغزال .

5ـ5 الألات والقطع والمصنوعات والأماكن الثقافية:
     إن ما يدعو للحيرة أحيانا هو الكم الهائل من الأدوات التي تعرض في مهرجاناتنا بشكل فوضوي وبأوضاع تعكس عدم فهمنا لهذا الموروث فالمدينة القديمة بما تحوية من أماكن ثقافية متمثلة في المؤسسات الدينية وبيوت القضاء ومنازل العلماء ومعامل الصناعات التقليدية مهملة بشكل يجعل الزائر يشك في أن هؤلاء هم حفدة من بنا وعمر وأما الصناعات التقليدية المتمثلة في صناعة مشتقات النخيل والصناعات الجلدية والفخار والصناعات الحديدية وصياغة الذهب والفضة فتلك المسألة بالنسبة لغدامس تعد تاريخ وحضارة لم يتم حتى حصرها وجردها وتوثيقها ناهيك عن دراستها والبحث في سبل إبرازها لخدمة السياحة فقد تقدمت في عام 1997 ببحث بندوة السياحة الصحراوية التي أقيمت بنفس المكان بعديد مقترحات أصبحت تاريخ منسي .

6 ـ إدارة التراث الثقافي بغدامس مطلب ملح:
     مع التطور والتقدم الذي يعد سمة العالم اليوم صار السعي من أجل رفعة الإنسان في كافة المجالات مطلب هام وحيث أن التراث الثقافي وما يحققه من غايات مادية ومعنوية أصبح حمايته وصونه واجب على المؤسسات المحلية المعنية رغم مافيه من صعوبة ومشاق في البحث والدراسة ولذلك نلاحظ الميل للاهتمام بالتراث المادي لسهولة التعامل مع المكونات المعمارية مثلا وحيث انه لا تستقيم تنمية وتطوير الموروث إلا إذا كان شقي التراث حظيا بمستوى واحد من الاهتمام وسوف امثل هذا بأن التراث طائر نود التحليق به في اجواؤء ارحب لايتم ذلك إلا اذا كان جناحيه في مستوى واحد وسوف اقترح هيكلية إدارية تعمل على حفظ وصون التراث الغدامسي اللامادي. وهذه الإدارة بحاجة لكوادر تسيرها ولوائح داخليه تنظمها قد أعددت دراسة تفصيلية لذلك سوف أنشرها مستقبلا. 

الاستنتاجات والتوصيات/
1 ـ زيادة الاهتمام بالتراث الثقافي غير المادي ، والعمل على جرده وحصره وتصنيفه، داعين إلى ضرورة إيجاد مراكز للاهتمام بالتراث الشعبي.
2ـ إدماج التراث الثقافي غير المادي في البرامج الثقافية و التعليمية، ودعوة وسائل الإعلام لنشر التراث الثقافي غير المادي ، بهدف حمايته وتوثيقه.
3 ـ أن التراث الفكري بغدامس يعتبر الأبرز للذاكرة الثقافية العربية والأفريقية الإسلامية والحاضن للقيم الحضارية للأمة، وإبداعاتها الماضية المدونة في الوثائق العتيقة والمخطوطات النفيسة، فضلا عن التراث الشفهي والفنون الشعبية لما له من دور إيجابي في الحفاظ على الذاكرة الثقافية الجماعية .
4 ـ إجراء دراسات وعمليات الجمع والتنقيب والتوثيق والتصنيف والأرشفة والترويج لعناصر التراث اللامادي و نشر الوعي به والانتقال من الصورة المقتصرة فقط على الجوانب المادية الملموسة كالقطع الفنية والحرف والصناعات اليدوية إلى التركيز على جمع التراث الحي والمتمثل في التعابير وفنون الأداء والعادات والتقاليد والمعتقدات والمعارف الشعبية وغيرها.
5 ـ إصدار العديد من الإجراءات القانونية والإدارية لحماية وصون التراث الثقافي اللامادي بغدامس الترويج له في المعارض والندوات .
6 ـ وضع برنامج إعلان روائع التراث الشفهي وغير المادي لغدامس وإيجاد ميزة تقديرية محلية تعد إجراء أولي مباشر وتلقائي للتعريف بالتراث غير المادي ودعمه .
7 ـ العمل على تطوير مؤسستنا الوحيدة في التعليم العالي ( المعهد العالي للمهن الشاملة ) بما يخدم تراث المنطقة والجدية في إيجاد كوادر بشرية متخصصة لخدمة المجالات المتعلقة بصون التراث الثقافي .

الخاتمة/
أتقدم في الختام بالشكر الجزيل لكل من أسهم في إتاحة هذه الفرصة لتقديم ما يمكننا خدمة لهذا الوطن المعطاء وأملى في الأخوة باللجنة الإدارية لجهاز تنمية تطوير مدينة غدامس ألا تبقى هذه المعلومات وغيرها حبيسة الأدراج ويضل هذا الملتقي احتفالا ينتهي بانتهاء كلمات التوديع واسأل الله التوفيق للجميع لما فيه خير هذا الوطن الغالي ، وطموحنا أن تكون لنا أيادي بيضاء في تحقيق أهداف الجهاز


* باحث تاريخي بالمركز الوطني للمحفوظات والدراسات التاريخية.
عضو الجمعية التاريخية العربية الليبية.

الأربعاء، مارس 26، 2014

تأملات في المعمار

لو سلّمنا بأن الطرز المعمارية باختلافها هي وليدة تطور لتقنيات إنشائية أو ملازمة لها، كذلك هي مرهونة بتوفر مواد بناء وعمالة فنية قادرة على تبيان القيمة الفعلية لهذا الطرز باختلاف توجهاتها الفكرية وأنماطها المعمارية.

فهذا يعني أن انتشار أي طراز معماري في أي دولة من دول العالم يجب أن يتبعه أيضاً انتشاراً لهذه المواد وتقنيات بنائها معها، وإلاّ فقد هذا الطراز مغزاه الفكري ومبرر وجوده الفعلي في تلك الدول.

واليوم نسمع كثيراً من النقد موجهاً إلى المعماري الليبي، لعدم مواكبته في تصميماته لأحدث الطرز المعمارية المعاصرة، أو عدم قدرته على الإتيان بالجديد الذي يعبر عن روح العصر الذي نعيشه، متناسين أن هذه الطرز مرتبطة بموادها وتقنياتها الإنشائية وأيضا بالعمالة الفنية القادرة على تنفيذها على الوجه الصحيح. وهذه جميعها غير متوفرة في السوق المحلي.

وهذا يستدعي منا أن نتجه بالحوار إلى وجهته الصحيحة، وهي كيف يمكننا توظيف المواد والتقنيات والعمالة الفنية المتوفرة بالسوق المحلي في إنتاج عمارة معاصرة ترتقي لمستوى تطلعات كل المعماريين الليبيين وكذلك المجتمع الليبي.



وهنا تجاوزنا بالحديث، الأمور المتعلقة بالثقافة والتراث وظروف البيئة وحاجات المجتمع ومتطلباته وعاداته وتقاليده ولم نتطرق إليها.

تأملات في المعمار

مما لا شك فيه أن المعماري الناجح والملتزم بأخلاقيات مهنته ورسالته، هو الذي لا يخرج بالعمارة عن مسارها الصحيح، الذي ينبني على عدة معطيات تتعلق باحترام ثقافة المجتمع وخصوصيته وظروف البيئية المحيطة ومتطلبات المجتمع المادية والروحية والنفسية.

وهو يستند في اتخاذ قراراته التصميمية من خلال مجموعة من المؤشرات هي:
·        تواصله المباشر مع مجتمعه وفهمه العميق لمتطلباته واحتياجاته وتطلعاته.
·        دراسته للتاريخ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي والمراحل التي مرت بها عوامل تشكلها وصيرورتها إلى ما هي عليه الآن.

·        إعداد استبيانات واستطلاعات متعددة الجوانب تستبطن وتستنكه المتغيرات الحاصلة في تركيبة المجتمع السكانية وتجدد المتطلبات الأساسية وتعددها، كما تستطلع المؤثرات المتعددة التي فرضت نفسها على البنية الاجتماعية والأخلاقية والثقافية. ودور السياسة والاقتصاد والإعلام في إعادة تشكيلها وصياغتها وفق عدة مناظير، قد يكون الإصلاح أحد جوانبها. وقد يكون الجهل بها وسوء التقدير للعواقب إحداها. وقد يكون الهدم والتدمير لهذه البنية هو المستهدف منها.

السبت، مارس 22، 2014

تأملات في المعمار


    للمعماري الأمريكي فرانك لود رايت (Frank Lloyd right)  مشروع واحد يمكن حصره، فرض احترامه على كل معماريي العالم باختلاف توجهاتهم الفكرية، إلى يومنا هذا، هو منزل أدجار كوفمان المسمى فيلا الشلالات.

فيلا الشلالات(Falling water)   في بيرون ببنسلفانيا 1935م.

     وفي المقابل هناك مشروعين للمعماري الفرنسي، السويسري الأصل لو كوربوزييه ( (Le Corbusie، يشكلان علامة فارقة في تاريخه المعماري، يقف أمامها كل المعماريين في العالم بإجلال واحترام شديد، هما فيلا سافوي وأيضا كنيسة نوتر دام أو كنيسة رونشامب .

فيلا سافوي ( (Villa Savoyeفي بواسي بفرنسا 1928-1931 م

كنيسة رونشامب  (hapelle Notre-Dame-du-Haut de Ronchamp) في إقليم سون العليا، فرنسا 1954م.

     أما المعماري الألماني والتر غروبيوس (Walter Gropius) ، فله عمل واحد، لا يمكن حصر المدى الذي وصل إليه تأثيره على الفكر المعماري المعاصر في جميع أنحاء العالم وانعكاساته على مجالات الفنون الأخرى. وسيبقى تأثيره هذا خالدا، مهما تبدلت أو تجددت الأفكار والنظريات، آلا وهي مدرسة الباوهاوس المعمارية. 

مدرسة الباوهاوس  (Bauhaus) في فايمار 1919م.

     لهذا اتوجه بالنصح لكل معماري ليبي، أن يسعى لبناء مدرسته الفكرية (من الناحية التنظيرية) ويحدد لها مسارها ويرسم لها ملامحها وأهدافها. وأن لا يجهد تفكيره كثيراً بالتلاعب بالكتل في مشاريعه المعمارية، التي يصممها وطلائها بشتى الألوان الزاهية أو القاتمة، كي تستهوي زبائنه وتحظى بقبولهم واستحسانهم. وهو يعلم أنهم لا يملكون من ثقافة تمييز الألوان أو الإحساس بتناسق وجماليات الكتل، أكثر مما يمتلكه راعي إبل عاش حياته كلها في أطراف البادية. أي أنهم لن يستوعبوا قيمة ما تعرضه عليهم، إن كان عملا يستحق التقدير، أم هو مجرد هرطقات لا ترتقي لمستوى العمل المعماري الحقيقي.

     وليعلموا يقيناً، أن معماريو العالم لم يحترموا المعماري فرانك لود رايت أو المعماري لوكوربوزييه، فقط لأنهما قدّما لنا تحفتيهما المعماريتين فيلا الشلالات وفيلا سافوي. بل لأنهما حمّلا هذين المنجزين المعماريين في كل تفصيلة فيهما، فكراً معمارياً، لا يختلف اثنان على قيمته في إعادة صياغة الفكر المعماري المعاصر، وقدما للعالم من خلالهما النظرية العضوية والنظرية الوظيفية.

     ولنأخذ عن المعماري لو كوربوزييه مقولته هذه:"العظمة ليست في الحجم ولكن في القصد". فربما نستغنى بها عن زيادة الشرح والتفصيل.

الخميس، مارس 13، 2014

محطات من السيرة الذاتية- 2

الرحلات العلمية إلى المدن التاريخية
  
مرافقتي لطلبة قسم العمارة والتخطيط العمراني لمدينة غدامس القديمة في العام 1991 م.

        في صيف 1984 م. بدأت رحلاتي البحثية الخاصة إلى مدن درنة القديمة ومنطقة القلعة بها وضواحيها المخيلي والعزيات وبنغازي وودان وهون وسوكنة. وإلى غدامس وتونين في العام 1991 . وقد تزايدت وثيرة هذه الرحلات مع بداية العام 2004 م. إلى قرية فساطو بجادو/ كاباو/ نالوت/ غريان/ تاورغاء/ الجوش/ طرابلس القديمة/ جنزور والزاوية. بالتنسيق والتعاون مع بعض الزملاء من المعماريين والبحاثة والأصدقاء المهتمين بالشأن المعماري والثقافي المرتبط بالتراث.
 
الرحلة العلمية التوثيقية لمدينة درنة القديمة وضواحيها- صيف 1985 م.
      وهناك زيارات لمدينة طرابلس القديمة، يرافقني فيها أبناء العائلة، تكريماً لهم على نجاحهم بامتياز في مراحل الدراسة الابتدائية المختلفة، منذ بداية عملي بمشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة بطرابلس 1990- 2001 م. وهي محاولة مني لسبر أغوار هذه المدينة من خلال عيون الطفولة، التي تحمل بداخلها الدهشة والفضول المشبعة بالفرح والسرور من اكتشاف عوالم جديدة لم يروها من قبل ويحاولون فهمها بطريقتهم الخاصة.

رابط يستعرض بعضا من هذه الرحلات العلمية إلى مدننا القديمة في ليبيا:

      أما الغاية من مثل هذه الرحلات، فهو دراسة عمارة مدننا المحلية التاريخية ومقوماتها البيئية والثقافية والاجتماعية وانعكاس تأثيرها على ما أقوم بتصميمه من أعمال معمارية.

      بالنسبة لي، فمثل هذه الرحلات، هي امتداد لعهد قطعته على نفسي أمام أحد الدوبلكسات التي بنيت في منتصف السبعينيات من القرن الماضي على أنقاض فيلا إيطالية جميلة في مدينة الحدائق- وهي منطقة سكني بطرابلس، وكنت اتابع مراحل الهدم والبناء أثناء مروري بجانب هذه الفيلا ذهابا وإيابا من مدرستي الإعدادية (علي حيدر الساعاتي).

      حيث كنت اتوقع أن أشاهد مبنى بديلاً عن الفيلا الإيطالية، يكون معبراً عن ثقافتنا المحلية الأصيلة ولو بقالب عصري. ولكن هذا الدوبلكس أو المسخ المشوه، الذي ظهر ليحتل مكان تلك الفيلا الإيطالية الجميلة، سبب لي حالة ارتباك بل وفزع، رغم حداثة سني وعدم دراستي للعمارة أو معرفتي الدقيقة بمدارسها. ولكن كان يكفيني أن أولد واتربي وأعيش في أحضان بيت جدي الشيخ علي الشيباني الملاصق لزاويته في شارع الساعدية بمنطقة ميزران، في مدينة طرابلس والآخر في مركز مدينة ترهونة، بطابعهما العربي المحلي وفناؤهما المفتوح على السماء واجتماع العائلة بداخله. وأن أكون فرداً من هذه العائلة، التي تمتنهن الحس الوطني والعمق الثقافي والوازع الديني، الذي انعكس في حواراتهم العائلية ونشاطاتهم العامة، كي أكتسب هذا الحس المعماري الجمالي، القادر على التمييز بين ما هو صحيح وما هو خطأ وما هو أصيل وما هو مستهجن. وما يجب أن يكون وما لا يجب. كما أن زياراتي المنفردة في تلك المرحلة لأسواق المدينة القديمة عبر بوابتها بميدان الشهداء، ومحاولتي في كل مرة أن اتقدم خطوة أخرى مرتبكة لسبر أعماقها المجهولة بالنسبة لي، ليكون سببا لتحريك حالة وعي مبكر بمكنون العمارة ورسالتها الحقيقية.

      وهذه النتيجة التي أفرزها هدم وإعادة بناء مسكن، هي التي حددت خطوتي القادمة نحو المستقبل واتخاذ قراري بدخول معترك مجال العمارة، معاهداً نفسي أمام هذا البيت بعد أن وقفت أمامه للحظات، بأن اسعى بتوفيق الله، لدخول قسم العمارة والعمل على تغيير هذا الواقع المزري (حسب رؤيتي له- فقد يكون هذا الواقع مطلب غيري ومنتهى مناه). وإن شعرت بالفشل أو انحرفت عن هذا المبدأ تحت أي ضغط أو تأثير. فمن الأشرف لي أن اختار طريقاً آخر لخدمة بلدي أكون قادراً من خلاله على التوفيق فيه. وقد كان هذا التحدي صعباً بكل المقاييس، لعدة ظروف واعتبارات، لا مجال لذكرها هنا. 
المناقشة الأولى لمشروع التخرج تحت عنوان
 (إعادة تطوير الإسكان بمدينة طرابلس القديمة (

      وقد بدأت حقيقةً، أول بوادر لدراسة تحليلية مصغرة لمساكن مدينة طرابلس القديمة، على مقاعد الدراسة بقسم العمارة من خلال بحث طالبنا به الأستاذين الفاضلين، الدكتور مصطفى المزوغي والأستاذ أحمد إمبيص. وقد تصادف أنني كنت ضمن مجموعة أخرى مهمتها دراسة وتحليل أحد المباني المعاصرة. فعرضت عليهما نقلي إلى المجموعة المكلفة بدراسة حوش الفقيه حسن بزنقة الفرنسيس، وكان لي ما طلبت. وكانت هذه بداية رحلتي إلى سبر أغوار مدينتي طرابلس والمدخل لسبر أغوار مدننا القديمة الأخرى.

      ومثلما أنا مدين لهذين الأستاذين الفاضلين ولأستاذنا جميعاً علي قانه (رحمه الله) بفهمي العميق لأصول سبر أغوار المدن القديمة ومعالمها المعمارية والفنية وفق منهجية علمية، فأنا مدين بصورة أخرى لأمينة اللجنة التنفيذية لمشروع تنظيم وإدارة مدينة طرابلس فوزية بشير شلابي، التي رحبت ترحيباً كبيراً بالتحاقي بهذه المؤسسة، التي تعنى بمسألة الحفاظ على المدن التاريخية وإرثها العمراني والمعماري والثقافي والاجتماعي. وأيضا أدين كثيرا لزميلي بهذه المؤسسة يوسف خليل الخوجة، مدير إدارة التوثيق والدراسات الإنسانية في تلك الفترة، التي عملت بها طيلة أحد عشرة عاماً (1990-2001)، كانت في مجملها فرصة كبيرة لمعايشة هذه المدينة والتعمق في أغوارها المجهولة، لتصبح مع الأيام مفتوحة الدراعين لباحث نهم وعاشق متيم بجمالها وكنوزها الدفينة. أما نتاج هذه العلاقة من الناحية التصميمة، فهو مجموعة لا بأس بها من الأعمال، قليلها وجد طريقه إلى التنفيذ بالصورة المأمولة. وكثيره تم تشويهه. والأكثر لم ير النور بعد.

حوار مع زميلي الأستاذ يوسف الخوجة
      وخلال هذه الفترة، كانت لي أيضاً دراسة معمارية مطولة ومعمقة، حول الحوش الطرابلسي التقليدي، والتي تم فيها أعمال رفع مساحي وتوثيق لمجموعة من بيوت (حياش) المدينة القديمة ومفرداتها وتفاصيلها. إلى جانب متابعة أعمال الترميم والصيانة لمعالمها وإبداء الرأي في مراحلها المختلفة.

      وقد قدمت- إضافة إلى تلك الدراسة حول المسكن الطرابلسي التقليدي (الحوش)- بعض القراءات لخلاصة نتائج هذه الرحلات من رؤى وانطباعات وتحليلات، على شكل محاضرات سنوية بفضاءات ثقافية داخل وخارج مدينة طرابلس القديمة، تستهدف نشر حالة وعي جماعي بالقيم الثقافية والبيئية والاجتماعية لموروثنا العمراني والمعماري ودعوة لأفراد المجتمع- وخصوصا سكان تلك المدن القديمة- للمساهمة في الحفاظ عليه وإعادة تأصيله في عمارتنا الليبية المعاصرة.

      وقد تم نشر هذه المحاضرات في أكثر من مجلة وصحيفة محلية وعلى رأسها مجلة آثار العرب، التي كان يصدرها مشروع تنظيم وإدارة المدينة القديمة بطرابلس بالتعاون مع مصلحة الآثار. وأيضا مجموعة من المنشورات على الصفحة الرابعة بصحيفة الشط ، كذلك مقالتين تحليليتين بمجلة مربعات، التي ساهمت في تأسيسها صحبة مجموعة من الزملاء والأساتذة الأفاضل (توقفت عن الصدور بعد هذين العددين).

      وما استهدفه من هذه العروض على مدونتي هذه أو صفحتي على الفيسبوك، هو فتح باب الحوار وربما التعاون على شكل أفراد مع من يشاركني هم البحث في مسألة إعادة تأصيل قيمنا الاجتماعية والثقافية في عمارتنا وفنوننا المعاصرة على اختلافها. حواراً علمياً ومنهجياً مبنياً على ما يستطيع أن يقدمه أحدنا للآخر. حواراً ينتج عنه شواهد عملية وملموسة نتائجها على أرض الواقع.

رابط مجموعة المقالات المنشورة بمدونة الميراث تحت عنوان (تأملات في المعمار) على هذا الرابط:

وهذا رابط ملخص دراسة الحوش الطرابلسي التقليدي، التي أنجزتها. دون أن أدرج معها أعمال التوثيق والرفع واسكتشات التحليل لمجموعة الحياش الطرابلسية:

كما يمكن الاطلاع أيضاً على مجموعة التصميمات المعمارية، التي تعكس محاولاتي لاستلهام عناصر التراث المعماري المحلي ومفرداته فيها، دون أن يخل ذلك بمراعاتي لمعطيات العصر وظروفه ومتطلباته وتقنياته، وهي في قناعتي لم ترتقِ بعد لمستوى طموحاتي التي أنشدها لعدة ظروف واعتبارات منها ما يتعلق بمسألة سوء التنفيذ من طرف المواطن وعدم قبوله بمسألة الإشراف على مراحل التنفيذ وتوكيل أمرها إلى المقاولات العربية.

وهذا رابط المشاريع على مدونة الميراث مع بعض الشرح والتفصيل:


وهذا رابط لبعض المشاريع التي قمت بتصميمها:


وهذه روابط ما تم تنفيذه منها، سواء كانت النتيجة مرضية بالنسبة لي أو غير مرضية:








المواضيع الأكثر مشاهدة

بحث هذه المدونة الإلكترونية