أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}- سورة الرعد، الآية 17

الأربعاء، فبراير 26، 2014

العلاقة بين المعماري والتخصصات الهندسية والتصميمية الأخرى.




     موضوع آخر رأيت من الأهمية طرحه للنقاش، حتى تستقيم الأمور في مجال العمل الهندسي المرتبط بالمباني من حيث التصميم والتنفيذ والإدارة ، وهي إشكالية تعترض العمل الهندسي في ليبيا على وجه الخصوص، في حين تتجاوزها بكثير دول العالم المتقدم.

     وهو موضوع لا يستهدف النيل من التخصصات الهندسية المختلفة أو التقليل من شأنها أو الاستهانة بأهمية دورها في العملية التصميمية والتنفيذية للمباني، بقدر ما يسعى إلى وضع النقاط على الحروف، للوصول إلى تحديد ماهية العلاقة التراتبية المفترضة والواجبة بين المعماري والفريق الهندسي والفني. وتحديد الأدوار والمسؤوليات وحدود الاختصاصات، المرتبطة بتصميم وتنفيذ المنشآت المعمارية بصفة عامة.

     من أين تبدأ كل واحدة من هذه التخصصات وأين ينتهي دورها، والأهم:
·        من يقود هذه العملية برمتها على مستوى الإدارة والإشراف على مراحل التصميم والتنفيذ المختلفة ؟
·        من يتحمل تبعات وعواقب أي عملية تقصير تحدث أثناء تنفيذ مراحل المبنى المختلفة؟
·        من عليه أن لا يتجاوز الحدود، من باب ما يقتضيه الاختصاص ومصلحة العمل وطبيعته؟


     مما لا شك فيه أن التقصير في تنفيذ أي مشروع معماري يتحمل مسؤوليته كل من شارك في تصميمه أو تنفيذه. ولكن على المعماري تحديداً، يقع العبء الأكبر من هذه المسؤولية، لأنه في المقام الأول هو الجهة الاعتبارية التي يقصدها مالك المشروع أولاً للتفاهم على جميع بنود مشروعه، بداية من مرحلة التصميم المعماري ومرورا بمرحلة إعداد الخرائط التنفيذية وإعداد كراسة الكميات والمواصفات، وانتهاءً بوضع جميع بنود الاتفاق على عملية التنفيذ والإشراف وإبرام وتوقيع العقود مع مالك المشروع وأيضا مع التخصصات الأخرى لضمان سلامة العمل من الناحية الفنية وأيضا لضمان تنفيذه في الزمن المتفق عليه.

     وهي جميعها مراحل تتطلب من المعماري متابعتها ومراجعتها وذلك تحسبا لأي إشكالية قد تواجهه أو تواجه المقاول أو المهندسين أو الفنيين بتخصصاتهم المختلفة أثناء مراحل تنفيذ المبنى. لأنها ستصبح بعد ذلك مكلفة وقد تكبد مالك المشروع خسائر كبيرة ناتجة عن أعمال الهدم والتصحيح أو التعديل. وهو في غالب الأحيان من توكل إليه مسؤولية اختيار فريق العمل الهندسي من مختلف التخصصات لتصميم الخرائط التنفيذية أو متابعة تنفيذها.

     كما أن المعماري، هو الذي يفترض عليه التواجد شبه اليومي في مرحلة تنفيذ الهيكل لتوجيه ومتابعة المقاول وتوزيع المهام بين التخصصات الهندسية والفنية المختلفة. وهو من سيستمر في متابعة مرحلة التشطيبات مع العمالة الفنية الداخلة في هذه المرحلة. وهو من عليه مراجعة الورش الفنية خارج المشروع واعتماد الأعمال المنفذة والتأكد من الجودة وفق المواصفات الفنية التي وضعها وكمياتها. وتستمر هذه المتابعة حتى يتم تسليم المفتاح لمالك المشروع.

بينما يتوقف دور المهندس الإنشائي بمجرد انتهاء مرحلة تنفيذ الهيكل الخرساني، كذلك تبدأ معه وبعده التخصصات الهندسية والفنية الأخرى في الانسحاب تباعاً بمجرد اكتمال دورها، سواء في المتابعة أو التنفيذ. كذلك فإنه على عاتق المعماري تقع مسؤولية أي تقصير أو خلل مستقبلي ناتج عن سوء التنفيذ.

     في المقابل يحصد المعماري نتائج جهود جميع التخصصات المشاركة في العمل من الناحية المعنوية، وإليه يعزى نجاح المشروع من فشله. وهنا نتوقف لنقول، أنه على كل معماري أو مسؤول عن تنفيذ أي مشروع معماري، أن يسجل أسماء وتخصصات جميع مراحل تصميم وتنفيذ المشروع، وتقديرهم معنوياً قبل تقديرهم مادياً، حتى لا يجحف بحق كل من بذل جهداً أو شارك في إنجاز ما يقال عنها تحفة معمارية، تستحق أن تأخذ مكانتها في سجل تاريخ العمارة والفنون.

     وهو ما يستوجب من المجتمع ومؤسسات الدولة وجميع التخصصات الهندسية والفنية الأخرى أن تعي جيداً القيمة الفعلية التي يحققها المعماري من خلال اضطلاعه بكل هذه المسؤوليات، التي يحملها على عاتقه وحده، بحيث لا تسمح بالتعدي أولاً على اختصاصاته وثانياً على موقعه في سلم القيادة أو الإدارة لأي مؤسسة أو مشروع يرتبط بالمنشآت المعمارية.

والسؤال المطروح: كيف السبيل إلى إعادة تنظيم مسألة مزاولة المهنة في ليبيا وفق الاعتبارات التي أشرنا إليها، بحيث يحفظ لكل ذي حق حقه من التقدير المعنوي والمادي؟ وذلك للارتقاء بمستوى الناتج المعماري من حيث الجودة وكفاءة الأداء الوظيفي والملائمة البيئية.

السبت، فبراير 22، 2014

مقالات

القيم الاستعمالية للميدان اليوم


دكتور/ مصطفى المزوغي

بالمناسبة، منذ يومين كان الاحتفال برفع الستار عن نصب تذكاري جديد في ميدان الشهداء في ذكرى ابطال 20 فبراير ، وكانت ردود الفعل متباينة بين من لم يعر (العمل التشكيلي) اهتماما بالقدر الذي أولاه للحدث الوطني ذاته، وبين من ربط الحدث بصيغة التعبير الرمزية المطروحة فكان الحال بين تحفظ وبين أسف من أن الحدث أبطال ٢٠ فبراير كان يجب أن يتم طرح مشروع معلم لإحيائه بصيغة المسابقة فإن لم تكن دولية على الأقل تكون وطنية، وبمستوى يليق بعطاء الشهيد.

بالمناسبة، هناك قصة ميدان الشهداء وتاريخه، عندما شرع اليساندرو ليمونجيللي Alessandro Limongelli ، بعد أن تم تكليفه من الجنرال Emilio De Bono سنة 1928 كمستشار فني ومعماري لمدينة طرابلس، بتقديم مقترح لتطوير ميدان الشهداء، الذي عرف آنذاك باسم Piazza Italia سنة 1930، فكان أن أدرك بحساسية أهمية شارع عمر المختار، الذي هو الآخر تعارف على تسميته آنذاك باسم Corso Sicilia فكان تصميم مقترح لمبنى بنك روما Banco di Roma  بالكيفية التي شيد بها بعد وفاته سنة 1932 بواسطة Alpago Novello Cabiati  وهي لم تختلف كثيرا عن مقترحه، فلقد كان الهاجس واضحا في تقديم حل عمراني بمفردات معمارية تحمل في طياتها التعبير الكولونيالي المنشود من جهة وتوافقها والقيمة المعمارية القائمة لرصيد السرايا الحمراء والمدينة القديمة من جهة أخرى.

مقترح ميدان الشهداء كما وضعه ليمونجيللي
فالإزاحة بزاوية 45 درجة بمثابة التمهيد لدخول الميدان بشكل ملائم لاسيما وأن الميدان ذاته يشكل نقطة التقاء عدد من المسارات، هذه الإزاحة فسحت المجال لتحقيق مساحة ربط بين واجهة شارع عمر المختار وواجهة ميدان الشهداء، الذي تمّ تعريفه بثلاث واجهات حديثة تقابلها الواجهة الرابعة وهي سور المدينة القديمة.

مقترح مخطط لميدان الشهداء بتوقيع ليمونجيللي

مبنى بنك روما بتوقيع ليمونجيللي

بوابة شارع عمر المختار، الرؤية البديلة كما اقترحها دي فاوسطو
ما تجب الإشارة إليه أيضا أن في الضفة المقابلة كان ليمونجيللي قد أقترح تصميم لمبنى  Banco di Sicilia الذي لم يتم تنفيذه، ولكن يجب الانتباه للبرج المناظر وكأنه بذلك يعلن بوابة الدخول للميدان ولشارع عمر المختار على حد سواء.


بنك صقلية كما اقترحه ليمونجيللي

يقوم فلوريستانو دي فاوسطو Florestano Di Fausto الذي كلفه الحاكم إتالو بالبو Italo Balbo  بمهام سنة 1932عقب وفاة ليمونجيللي المفاجئ بمهام مستشار المدينة إضافة إلى المسؤول الأول لحماية وصيانة جماليات المدينة.

زنقة الفرنسيس
في سنة 1938 تمّ تكليف دي فاوسطو بتصميم مبنى مكاتب الحكومة وربطها بمقر مكتب الحاكم بالبو في السرايا الحمراء عن طريق مسار علوي على أن يكون موقع مشروع مقر مكاتب الحكومة في مكان بنك صقلية Banco di Sicilia ، شرع دي فاوسطو مباشرة في قراءة مقترح خلفه ليمونجيللي بشكل متمعن وحرص على تبني روح الحل المتمثل في البرج والعمل على تحقيق التعبير الكولونيالي المنشود، إلا أن قدرات دي فاوسطو التعبيرية في توظيف الاشكال النقية التي تتمتع بها عمائر طرابلس التقليدية كانت ظاهرة دون إغفال الامتداد الرأسي والإزاحة الجانبية الغير مرئية دفعت بالمدخل لأن يتبوأ الركن.

والجدير بالإشارة هو الصيغة التي وضعت بها الاقواس في الممر بالدور الارضي التي أتت محاكاة لهيئة الاقواس وتكرارها بالمدينة القديمة كوسيلة دعم للبيوت فأصبح الاحساس بها للمار تحتها كامتداد لشوارع المدينة القديمة على الرغم من تفاوت مقياسها. 



مسار الرواق بالدور الأرضي لمبنى مكاتب الحكومة (الداخلية) كما وضعه دي فاوسطو

هل أدركنا (التشكيليين والمعماريين) الدرس، لماذا علينا قراءة ميدان الشهداء بتمعن حتى نفي ذكرى الأبطال حقها؟
.




المصدر/ صفحة الدكتور مصطفى المزوغي على الفيسبوك
https://www.facebook.com/mustafa.mezughi

الاثنين، فبراير 17، 2014

تأملات في المعمار




أصبح هذا في عرف النخبة إبداع. وأصبح العري فن. وأصبح الإسفاف فكر. وأصبح التطاول على المقدسات حرية تعبير.

وفي المقابل أصبح التأصيل رجعية وقصور وتخلف وظلامية.



مصدر الصورة/

الجمعة، فبراير 14، 2014

لمحات عن مدن ومعالم تاريخية


 مدينة طرميسه



الأستاذ/ سعيد حامد

مدينة طرميسه تقع بالقرب من جادو التي اشتهرت بمدرستها (مدرسة ابو موسى عيسى الطرميسي) في القرن الثالث الهجري هي مدينة محصنة إذ بنيت على حافة الجبل ويحيط بها منحدرات سحيقة ولا يمكن مهاجمتها من هذه الجهات الثلاث. ولاستكمال تحصينها عمد الأهالي إلى حفر خندق من الجهة الرابعة بعمق وعرض 3 أمتار يمتد بين حافتي الجبل. ولاستكمال المراقبة فقد بنوا قصبة (برج مربع الشكل) لمراقبة المنطقة الأضعف تحصينا جهة الخندق وبداخلها مجموعة من الدواميس (بيوت حفر) حفرت في الصخور ومجموعة من البيوت السكنية ومسجد ومعاصر ومخبز.



مصدر الصورة/ 
تصوير: عياد ناجعـة
موقع أجمل الصور في ليبيا
https://www.facebook.com/groups/libya.pic/

المواضيع الأكثر مشاهدة

بحث هذه المدونة الإلكترونية